العيوب أو قال من كل عيب واما إن كانت خاصة بان قال من عيب كذا وسماه وكل ذلك لا يخلو من ثلاثة أوجه إما ان قيد البراءة بعيب قائم حالة العقد واما ان أطلقها اطلاقا واما ان أضافها إلى عيب يحدث في المستقبل فان قيدها بعيب قائم حالة العقد لا يتناول العيب الحادث بعد البيع قبل القبض بلا خلاف سواء كانت البراءة عامة بان قال أبرأتك من كل عيب به أو خاصة بان قال أبرأتك مما به من عيب كذا لان اللفظ المقيد بوصف لا يتناول غير الموصوف بتلك الصفة وان أطلقها اطلاقا دخل فيه القائم والحادث عند أبي يوسف وعند محمد لا يدخل فيه الحادث وله أن يرده وهو قول زفر (وجه) قول محمد ان الابراء عن العيب يقتضى وجود العيب لان الابراء عن المعدوم لا يتصور والحادث لم يكن موجودا عند البيع فلا يدخل تحت الابراء فلو دخل إنما يدخل بالإضافة إلى حالة الحدوث والابراء لا يحتمل الإضافة لان فيه معنى التمليك حتى يرتد بالرد ولهذا لم يدخل الحادث عند الإضافة إليه نصا فعند الاطلاق أولى (وجه) قول أبى يوسف ان لفظ الابراء يتناول الحادث نصا ودلالة (أما) النص فإنه عم البراءة عن العيوب كلها أو خصها بجنس من العيوب على الاطلاق نصا فتخصيصه أو تقييده بالموجود عند العقد لا يجوز الا بدليل (وأما) الدلالة فهي ان غرض البائع من هذا الشرط هو انسداد طريق الرد ولا ينسد الا بدخول الحادث فكان داخلا فيه دلالة (وأما) قول محمد ان هذا ابراء عما ليس بثابت فعبارة الجواب عن هذا الحرف من وجهين أحدهما أن يقال هذا ممنوع بل هو ابراء عن الثابت لكن تقديرا وبيانه من وجهين أحدهما ان العيب الحادث قبل القبض كالموجود عند العقد ولهذا يثبت حق الرد به كما يثبت بالموجود عند العقد ولما ذكرنا ان القبض حكم العقد فكان هذا ابراء عن حق ثابت تقديرا والثاني ان سبب حق الرد موجود وهو البيع لان البيع يقتضى تسليم المعقود عليه سليما عن العيب فإذا عجز عن تسليمه بصفة السلامة يثبت له حق الرد ليسلم له الثمن فكان وجود تسليم المبيع سببا لثبوت حق الرد والبيع سبب لوجود تسليم المبيع فكان ثبوت حق الرد بهذه الوسائط حكم البيع السابق والبيع سبب فكان هذا ابراء عن حق الرد بعد وجود سببه وسبب الشئ إذا وجد يجعل هو ثبوتا تقديرا لاستحالة الحكم خلو الحكم عن السبب فكان ابراء عن الثابت تقديرا ولهذا صح الابراء عن الجراحة لكون الجرح سبب السراية فكان ابراء عما يحدث من الجرح تقديرا وكذا الابراء عن الأجرة قبل استيفاء المنفعة يصح وإن كانت الأجرة لا تملك عندنا بنفس العقد لما قلنا كذا هذا والثاني ان هذا ابراء عن حق ليس بثابت لكن بعد وجود سببه وهو البيع وانه صحيح كالابراء عن الجرح والابراء عن الأجرة على ما بينا بخلاف الابراء عن كل حق له أنه لا يتناول الحادث لان الحادث معدوم للحال بنفسه وبسببه فلو أنصرف إليه الابراء لكان ذلك ابراء عما ليس بثابت أصلا لا حقيقة ولا تقديرا لانعدام سبب الحق فلم ينصرف إليه وقوله لو تناول الحادث لكان هذا تعليق البراءة بشرط أو الإضافة إلى وقت ممنوع بل هذا ابراء عن حق ثابت وقت الابراء تقديرا لما بينا من الوجهين فلم يكن هذا تعليقا ولا إضافة فيصح والله عز وجل أعلم وان أضافها إلى عيب حادث بان قال على أنى برئ من كل عيب يحدث بعد البيع فالبيع بهذا الشرط فاسد عندنا لان الابراء لا يحتمل الإضافة لأنه وإن كان اسقاطا ففيه معنى التمليك ولهذا لا يحتمل الارتداد بالرد ولا يحتمل الإضافة إلى زمان في المستقبل نصا كما لا يحتمل التعليق بالشرط فكان هذا بيعا أدخل فيه شرطا فاسدا فيوجب فساد البيع ولو اختلفا في عيب فقال البائع هو كان موجودا عند العقد فدخل تحت البراءة وقال المشترى بل هو حادث لم يدخل تحت البراءة فإن كانت البراءة مطلقة فهذا لا يتفرع على قول أبى يوسف لان العيب الحادث داخل تحت البراءة المطلقة عنده فأما على قول محمد فالقول قول البائع مع يمينه وقال زفر والحسن بن زياد القول قول المشترى (وجه) قولهما ان المشترى هو المبرى لان البراءة تستفاد من قبله فكان القول فيما أبرأ قوله (وجه) قول محمد ان البراءة عامة والمشترى يدعى حق الرد بعد عموم البراءة عن حق الرد بالعيب والبائع ينكر فكان القول قوله كما لو أبرأه عن الدعاوى كلها ثم ادعى شيئا مما في يده وهو ينكر كان القول قوله دون المشترى لما قلنا كذا هذا ولو كانت مقيدة بعيب يكون
(٢٧٧)