كاملة أو بعض حيضة في مدة الخيار فاختار البيع لا تجزى تلك الحيضة في الاستبراء عند أبي حنيفة وعليه ان يستبرئها بحيضة أخرى لأنها لم تدخل في ملكه عنده ولم يوجد سبب وجوب الاستبراء وعندهما يحتسب بها لأنها دخلت في ملكه فكانت الحيضة بعد وجود سبب وجوب الاستبراء فكانت محسوبة منه ولو اختار فسخ البيع ورد الجارية فلا استبراء على البائع عند أبي حنيفة سواء كان الرد قبل القبض أو بعده وعندهما قبل القبض القياس ان يجب وفى الاستحسان لا يجب وبعد القبض يجب قياسا واستحسانا على ما ذكرنا في مسائل الاستبراء وإن كان الخيار للبائع ففسخ العقد لا يجب عليه الاستبراء لأنها لم تخرج عن ملكه وان أجازه فعلى المشترى أن يستبرئها بعد الإجازة والقبض بحيضة أخرى بالاجماع لأنه ملكها بعد الإجازة وبعد القبض ملكا مطلقا (ومنها) إذا اشترى شيئا بعينه على أنه بالخيار ثلاثة أيام فقبضه باذن البائع ثم أودعه في مدة الخيار فهلك في مدة الخيار أو بعدها يهلك على البائع ويبطل البيع عند أبي حنيفة لأنه لم يدخل في ملك المشتري ولما دخل رده على البائع فقد ارتفع قبضه فهلك المبيع قبض القبض وعندهما يهلك على المشترى ويلزمه الثمن لأنه دخل في ملكه أعني المشترى فقد أودع ملك نفسه ويد المودع يده فهلاكه في يده كهلاكه في يد نفسه ولو كان الخيار للبائع فسلمه إلى المشترى ثم إن المشترى أودعه البائع في مدة الخيار فهلك في يد البايع قبل جواز البيع أو بعده بطل البيع بالاجماع ولو كان البيع باتا فقبضه المشترى باذن البائع أو بغير اذنه والثمن منقود أو مؤجل وله خيار رؤية أو عيب فأودعه البائع فهلك عند البائع يهلك على المشترى ويلزمه الثمن بالاجماع لان خيار الرؤية والعيب لا يمنع انعقاد العقد في حق الحكم فكان مودعا ملك نفسه والله عز وجل أعلم (ومنها) إذا اشترى ذمي من ذمي خمرا أو خنزيرا على أنه بالخيار ثلاثة أيام وقبضه ثم أسلم المشترى بطل العقد عند أبي حنيفة لأنه لم يدخل في ملك المشتري والمسلم ممنوع عن تملك الخمر بالبيع وعندهما يلزم العقد ولا يبطل لأنه دخل في ملك المشتري والاسلام يمنع من اخراجه عن ملكه ولو أسلم البائع لا يبطل البيع بالاجماع لان البيع بات في جانبه والاسلام في البيع البات لا يوجب بطلانه إذا كان بعد القبض والمشترى على خياره فان أجاز البيع جاز ويلزمه الثمن وان فسخه انفسخ وصار الخمر للبائع حكما والمسلم من أهل ان يتملك الخمر حكما ألا ترى أنه يتملكها بالميراث ولو كان الخيار للبائع فاسلم البائع بطل الخيار لان خيار البائع يمنع خروج السلعة عن ملكه والاسلام يمنع اخراج الخمر عن ملكه بالعقد فبطل العقد ولو أسلم المشترى لا يبطل البيع لان البيع بات في جانبه والبائع على خياره فان فسخ البيع عادت الخمر إليه وان أجازه صار الخمر للمشترى حكما والمسلم من أهل أن يتملكها حكما كما في الإرث ولو كان البيع باتا فأسلما أو أسلم أحدهما لا يبطل البيع لان الاسلام متى ورد والحرام مقبوض يلاقيه بالعفو لأنه لم يثبت بعد الاسلام ملك مبتدأ لثبوتها بالعقد والقبض على الكمال وإنما يوجد بعد الاسلام دوام الملك والاسلام لا ينافيه فان المسلم إذا تخمر عصيره فلا يؤمر بابطال حقه فيها هذا كله إذا أسلما أو أسلم أحدهما بعد القبض فاما إذا كان قبل القبض بطل البيع كيف ما كان سواء كان البيع باتا أو بشرط الخيار لهما أو لأحدهما لان الاسلام متى ورد والحرام غير مقبوض يمنع من قبضه بحكم العقد لما في القبض من معنى انشاء العقد من وجه فيلحق به في باب الحرمات احتياطا على ما ذكرنا فيما تقدم وقد تظهر فوائد هذا الأصل في فروع أخر يطول ذكرها وإن كان المبيع دارا فإن كان الخيار للبائع لا يثبت للشفيع فيها حق الشفعة لأن المبيع لم يخرج عن ملك البائع وإن كان للمشترى يثبت للشفيع حق الشفعة بالاجماع (أما) على أصلهما فظاهر لأن المبيع في ملك المشتري (وأما) على أصل أبي حنيفة فالمبيع وان لم يدخل في ملك المشتري لكنه قد زال عن ملك البائع بالاجماع وحق الشفعة يعتمد زوال ملك البائع لا ثبوت ملك المشتري والله عز وجل أعلم ولو تبايعا عبدا بجارية والخيار للبائع فاعتق البائع العبد نفذ اعتاقه وانفسخ البيع لان خيار البائع يمنع زوال العبد عن ملكه فقد أعتق ملك نفسه فنفذ وان أعتق الجارية نفذ أيضا ولزم البيع (أما) على أصلهما فظاهر لأنه ملكها فاعتق ملك نفسه (وأما) على أصل أبي حنيفة وان لم يملكها بالعقد لكن الاقدام على الاعتاق دليل عقد الملك إذ لا وجود للعتق الا بالملك ولا
(٢٦٦)