الشهادة وهكذا ذكر القاضي الاسبيجابي في شرحه مختصر الطحاوي وذكر شيخي الإمام الزاهد علاء الدين محمد ابن أحمد السمرقندي رحمه الله في بعض مصنفاته انه ليس بشرط ويثبت بقول مسلم عدل منهم وكذا ذكر الشيخ الإمام الزاهد أبو المعين في الجامع الكبير من تصانيفه (وجه) هذا القول إن هذه الشهادة لا يتصل بها القضاء وإنما تصح بها الخصومة فقط فلا يشترط فيها العدد وهذا لان شرط العدد في الشهادة ثبت تعبدا غير معقول المعنى لان رجحان جانب الصدق على جانب الكذب في خبر المسلم لا يقف على عدد بل يثبت بنفس العدالة الا أن الشرع ورد به تعبدا فيراعى فيه مورد التعبد وهو شهادة يتصل بها القضاء وهذه شهادة لا يتصل بها القضاء فبقيت على أصل القياس وحجة القول الأول النصوص المقتضية لاعتبار العدد في عموم الشهادة والمعقول الذي ذكرناه في كتاب الشهادات ولأن هذه الشهادة وإن كان لا يتصل بها القضاء لكنها من ضرورات القضاء لا وجود للقضاء بدونها ألا ترى انه ما لم يثبت العيب عند البائع والمشترى فالقاضي لا يقضى بالرد فكان من ضرورات القضاء فيشترط فيها العدد كما يشترط في الشهادة على اثبات العيب عند البائع وإن كان مما لا يطلع عليه الا النساء فالقاضي يريهن ذلك لقوله عز وجل فاسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون والنساء فيما لا يطلع عليه الرجال أهل الذكر ولا يشترط العقد منهن بل يكتفى بقول امرأة واحدة عدل والثنتان أحوط لان قولها فيما لا يطلع عليه الرجال حجة في الشرع كشهادة القابلة في النسب لكن لابد من العدالة لان هذا يرجح جانب الصدق على جانب الكذب في الخبر ولا يثبت بقول المشترى وإن كان يطلع عليه لان النظر إلى موضع العيب مباح له لأنه متهم في هذا الباب ولا تهمة فيهن ورخصة النظر ثابتة لهن حالة الضرورة على ما ذكرنا في كتاب الاستحسان فيلحق هذا بما لا يطلع عليه الا النساء لما قلنا وإن كان لا يطلع عليه الا الجارية المشتراة فلا يثبت بقولها لكونها متهمة وإن كان في داخل فرجها فلا طريق للوقوف عليه أصلا فكان الطريق في هذين النوعين هو استحلاف البائع بالله عز وجل ليس به للحال هذا العيب (وأما) الإباق والسرقة والبول في الفراش والجنون فلا يثبت الا بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين لان هذا مما لا يوقف عليه الا بالخبر ولا ضرورة فيه فلا بد من اعتبار العدد فيه كما في سائر الشهادات فإن لم يقم للمشترى حجة على اثبات العيب للحال في هذه العيوب الأربعة هل يستحلف البائع لم يذكر في الأصل وذكر في الجامع أنه يستحلف في قول أبى يوسف ومحمد وسكت عن قول أبي حنيفة عن المشايخ من قال يستحلف بلا خلاف بينهم والتنصيص على قولهما لا يدل على أن أبا حنيفة مخالفهما ومنهم من قال المسألة على الاختلاف ذكرت في النوادر وذكر الطحاوي أيضا ان عند أبي حنيفة لا يستحلف وعندهما يستحلف (وجه) قولهما ان المشترى يدعى حق الرد ولا يمكنه الرد الا باثبات العيب عند نفسه وطريق الاثبات البينة أو نكول البائع فإذا لم تقم له بينة يستحلف لينكل البائع فيثبت العيب عند نفسه ولهذا يستحلف عند عدم البينة على اثبات العيب عند البائع كذا هذا ولأبي حنيفة ان الاستحلاف يكون عقيب الدعوى على البائع ولا دعوى له على البائع الا بعد ثبوت العيب عند نفسه ولم يثبت فلم تثبت دعواه على البائع فلا يستحلف وقولهما له طريق الاثبات وهو النكول قلنا النكول بعد الاستحلاف وانعدام الدعوى يمنع الاستحلاف لان استحلاف البائع في هذه العيوب على العلم لا على البتات بالله ما يعلم أن هذا العبد أبق عند المشترى ولا سرق ولا بال على الفراش ولا جن ولا يحلف على البتات لأنه حلف على غير فعله ومن حلف على غير فعله يحلف على العلم لأنه لا علم له بما ليس بفعله ومن حلف على فعل نفسه يحلف على البتات أصله خبر المثنوى فان حلف لم يثبت العيب عند المشترى وان نكل يثبت عنده فيحتاج إلى الاثبات عنده وإذا أراد اثبات العيب عند البائع فينظر إن كان العيب مما لا يحتمل الحدوث أصلا كالإصبع الزائدة ونحوها أو لا يحتمل حدوث مثله في مثل تلك المدة كالسن الشاغية ونحوها ثبت كونه عند البائع بثبوت كونه عند المشترى لأنه إذا لم يحتمل الحدوث أو لا يحتمل حدوث مثله في مثل تلك المدة فقد تيقنا بكونه عند البائع وإن كان مما يحتمل حدوث مثله في مثل تلك المدة لا يكتفى بثبوت كونه عند
(٢٧٩)