الا بتمامه فإذا فرغ منه ثم هلك فله الأجرة في قول أبي حنيفة لان العلم حصل مسلما إليه لحصوله في ملكه وأما على قولهما فالعين مضمونة فلا يبرأ عن ضمانها الا بتسليمها إلى مالكها فان هلك الثوب فان شاء ضمنه قيمته صحيحا ولا أجر له وان شاء ضمنه قيمته مخيطا وله الاجر لما بينا ولو استأجر حمالا ليحمل له دنا من السوق إلى منزله فحمله حتى إذا بلغ باب درب الذي استأجره كسره انسان فلا ضمان على الحامل في قول أبي حنيفة وله الاجر وهو على ما ذكرنا ان العمل إذا لم يكن له أثر ظاهر في العين كما وقع يحصل مسلما إلى المستأجر وذكر ابن سماعة عن محمد في رجل دفع ثوبا إلى خياط يخيطه بدرهم فمضى فخاطه ثم جاء رجل ففتقه قبل أن يقبضه رب الثوب فلا أجر للخياط لان المنافع هلكت قبل التسليم فسقط بدلها قال ولا أجبر الخياط على أن يعيد العمل لأنه لما فرغ من العمل فقد انتهى العقد فلا يلزمه العمل ثانيا وإن كان الخياط هو الذي فتق الثوب عليه أن يعيده لأنه لما فتقه فقد فسخ المنافع التي عملها فكأنه لم يعمل رأسا وإذا فتقه الأجنبي فقد أتلف المنافع بدليل انه يجب عليه الضمان وقالوا في الملاح إذا حمل الطعام إلى موضع فرد السفينة انسان فلا أجر لملاح وليس له أن يعيد السفينة فإن كان الملاح هو الذي ردها ألزمه إعادة الحمل إلى الموضع الذي شرط عليه لما قلنا وإن كان الموضع الذي رجعت إليه السفينة لا يقدر رب الطعام على قبضه فعلى الملاح أن يسلمه في موضع يقدر رب الطعام على قبضه ويكون له أجر مثله فيما سار في هذا المسير لأنا لو جوزنا للملاح تسليمه في مكان لا ينتفع به لتلف المال على صاحبه ولو كلفناه حمله بالاجر إلى أقرب لمواضع التي يمكن القبض فيه فقدرا عينا الحقين قالوا ولو اكترى بغلا إلى موضع بركبه فلما سار إلى بعضه الطريق جمح به فرده إلى موضعه الذي خرج منه فعليه الكراء بقدر ما سار لأنه استوفى ذلك القدر من المنافع فلا يسقط عنه الضمان وقال في الجامع الصغير عن أبي حنيفة في رجل استأجر رجلا يذهب إلى البصرة فيجئ بعياله فذهب فوجد فلانا قد مات فجاء بمن بقي قال له من الاجر بحسبه وعن أبي حنيفة في رجل استأجر رجلا يذهب بكتابه إلى البصرة إلى فلان ويجئ بجوابه فذهب فوجد فلانا قد مات فرد الكتاب فلا أجر له وهو قول أبى يوسف وقال محمد له الاجر في الذهاب أما في المسألة الأولى فلان مقصوده حمل العيال فإذا حمل بعضهم دون بعض كان له من الاجر بحساب ما حمل واما في الثانية فوجه قول محمد ان الاجر مقابل بقطع المسافة لا بحمل الكتاب لأنه لا حمل له ولا مؤنة وقطع المسافة في الذهاب وقع على الوجه المأمور به فيستحق صحته من الاجر وفى العود لم يقع على الوجه المأمور به فلا يجب به شئ ولهما أن المقصود من حمل الكتاب ايصاله إلى فلان ولم يوجد فلا يجب شئ على أن المقصود وإن كان نقل الكتاب لكنه إذا رده فقد نقص تلك المنافع فبطل الاجر كما لو استأجره ليحمل طعاما إلى البصرة إلى فلان فحمله فوجده قد مات فرده انه لا أجر له لما قلنا كذا هذا وللمستأجر في إجارة الدار وغيرها من العقار أن ينتفع بها كيف شاء بالسكنى ووضع المتاع وان يسكن بنفسه وبغيره وأن يسكن غيره بالإجارة والإعارة الا أنه ليس له أن يجعل فيها حدادا ولا قصارا ونحو ذلك مما يوهن البناء بناء فيما تقدم ولو أجرها المستأجر بالأكثر من الأجرة الأولى فإن كانت الثانية من خلاف جنس الأولى طابت له الزيادة وإن كانت من جنس الأولى لا تطيب له حتى يزيد في الدار زيادة من بناء أو حفر أو تطيين أو تجصيص فإن لم يزد فيه شيئا فلا خير في الفضل ويتصدق به لكن تجوز الإجارة أما جواز الإجارة فلا شك فيه لان الزيادة في عقد لا يعتبر فيه المساواة بين البدل والمبدل لا تمنع صحة العقد وههنا وكذلك فيصح القعد وأما التصدق بالفضل إذا كانت الأجرة الثانية من جنس الأولى فلان الفضل ربح ما لم يضمن لان المنافع لا تدخل في ضمان المستأجر بدليل انه لو هلك المستأجر فصار بحيث لا يمكن الانتفاع به كان الهلاك على المؤاجر وكذا لو غصبه غاصب فكانت الزيادة ربح ما لم يضمن ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فإن كان هناك زيادة كان الربح في مقابلة الزيادة فيخرج من أن يكون ربحا ولو كنس البيت فلا يعتبر ذلك لأنه ليس بزيادة فلا تطيب به زيادة والاجر وكذا في إجارة الدابة إذا ازاد في الدابة جوالق أو لجاما أو ما أشبه ذلك يطيب له الفضل لما بينا فان علفها لا يطيب له لان الأجرة لا يصير
(٢٠٦)