حتى انكسر يضمن عند أصحابنا الثلاثة وكذلك الراعي المشترك إذا ساق الدواب على السرعة فازدحمن على القنطرة أو على الشط فدفع بعضها بعضا فسقط في الماء فعطب فعلى هذا الخلاف ولو تلفت دابة بسوقه أو ضربه إياها فان ساق سوقا معتادا أو ضرب ضربا معتادا فعطبت فهو على الاختلاف وان ساق أو ضرب سوقا وضربا بخلاف العادة يضمن بلا خلاف لان ذلك اتلاف على طريق التعدي ثم إذا تخرق الثوب من عمل الأجير حتى ضمن لا يستحق الأجرة لأنه ما أوفى المنفعة بل المضرة لان ايفاء المنفعة بالعمل المصلح دون المفسد وفى الحمال إذا وجب ضمان المتاع المحمول فصاحبه بالخيار ان شاء ضمنه قيمته في الموضع الذي سلمه إليه وان شاء في الموضع الذي فسد أو هلك وأعطاه الاجر إلى ذلك الموضع وروى عن أبي حنيفة انه لا خيار له بل يضمنه قيمته محمولا في الموضع الذي فسد أو هلك أما التخيير على أصل أبى يوسف ومحمد فظاهر لأنه وجد جهتا الضمان القبض والاتلاف فكان له أن يضمنه بالقبض يوم القبض وله ان يضمنه بالاتلاف يوم الاتلاف أما على أصل أبي حنيفة ففيه اشكال لان عنده الضمان يجب بالاتلاف لا بالقبض فكان لوجوب الضمان سبب واحد وهو الاتلاف فيجب أن تعتبر قيمة يوم الاتلاف ولا خيار له فيما يروى عنه والجواب عنه من وجهين أحدهما أنه وجد ههنا سببان لوجوب الضمان أحدهما الاتلاف والثاني العقد لان الأجير بالعقد السابق التزم الوفاء بالمعقود عليه وذلك بالعمل المصلح وقد خالف والخلاف في أسباب وجوب الضمان فثبت له الخيار ان شاء ضمنه بالعقد وان شاء بالاتلاف والثاني انه لما لم يوجد منه ايفاء المنفعة في القدر التالف فقد تفرقت عليه الصفقة في المنافع فيثبت له الخيار ان شاء رضى بتفريقها وان شاء فسخ العقد ولا يكون ذلك الا بالتخيير ولو كان المستأجر على حمله عبيدا صغارا أو كبارا فلا ضمان على المكارى فيما عطب من سوقه ولا قوده ولا يضمن بنو آدم من وجه الإجارة ولا يشبه هذا المتاع لان ضمان بني آدم ضمان جناية وضمان الجناية لا يجب بالعقد دلت هذه المسألة على أن ما يضمنه الأجير المشترك يضمنه بالعقد لا بالافساد والاتلاف لان ذلك يستوى فيه المتاع والآدمي وان وجوب الضمان فيه بالخلاف لا بالاتلاف وذكر بشر في نوادره عن أبي يوسف في القصار إذا استعان بصاحب الثوب ليدق معه فتخرق ولا يدرى من أي الدق تخرق ودق كان صحيحا قبل أن يدقاه قال على القصار نصف القيمة وقال ابن سماعة عن محمد ان الضمان كله على القصار حتى يعلم أنه تخرق من دق صاحبه أو ممن دقهما فمحمد مر على أصلهما ان الثوب دخل في ضمان القصار بالقبض بيقين فلا يخرج عن ضمانه الا بيقين مثله وهو أن يعلم أن التخرق حصل بفعل غيره ولأبي يوسف ان الفساد احتمل أن يكون من فعل القصار واحتمل انه من فعل صاحب الثوب فيجب الضمان على القصار في حال ولا يجب ن حال فلزم اعتبار الأحوال فيه فيجب نصف القيمة وقالوا في تلميذ الأجير المشترك إذا وطئ ثوبا من القصارة فخرقه يضمن لان وطئ الثوب غير مأذون فيه ولو وقع من يد سراج فاحرق ثوبا من القصارة فالضمان على الأستاذ ولا ضمان على التلميذ لان الذهاب والمجئ بالسراج عمل مأذون فيه فينتقل عمله إلى الأستاذ كأنه فعله بنفسه فيجب الضمان عليه ولو دق الغلام فانقلب الكودين من غير يده فحرق ثوبا من القصارة فالضمان على الأستاذ لان هذا من علم القصارة فكان مضافا إلى الأستاذ فإن كان ثوبا وديعة عند الأستاذ فالضمان على الغلام لان عمله إنما يضاف إلى الأستاذ فيما يملك تسليطه عليه واستعماله فيه وهو إنما يملك ذلك في ثياب القصارة لا في ثوب الوديعة فبقي مضافا إليه فيجب عليه الضمان كالأجنبي وكذلك لو وقع من يده سراج على ثوب لوديعة فاحرقه فالضمان على الغلام لما قلنا وذكر في الأصل لو أن رجلا دعى قوما إلى منزله فمشوا على بساطه فتخرق لم يضمنوا كذلك لو جلسوا على وسادة لأنه مأذون في المشي على البساط والجلوس على الوسادة فالمتولد منه لا يكون مضمونا ولو وطؤا آنية من الأواني ضمنوا لان هذا مما لا يؤذن في وطئه فكذلك إذا وطؤا ثوبا لا يبسط مثله ولو قلبوا اناء بأيديهم فانكسر لم يضمنوا لان ذلك عمل مأذون فيه ولو كان رجل منهم مقلدا سيفا فخرق السيف الوسادة لم يضمن لأنه مأذون في الجلوس على هذه الصفة ولو جفف القصار ثوبا على حبل في الطريق فمرت عليه حمولة فخرقته فلا ضمان
(٢١٢)