بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ٢١٢
حتى انكسر يضمن عند أصحابنا الثلاثة وكذلك الراعي المشترك إذا ساق الدواب على السرعة فازدحمن على القنطرة أو على الشط فدفع بعضها بعضا فسقط في الماء فعطب فعلى هذا الخلاف ولو تلفت دابة بسوقه أو ضربه إياها فان ساق سوقا معتادا أو ضرب ضربا معتادا فعطبت فهو على الاختلاف وان ساق أو ضرب سوقا وضربا بخلاف العادة يضمن بلا خلاف لان ذلك اتلاف على طريق التعدي ثم إذا تخرق الثوب من عمل الأجير حتى ضمن لا يستحق الأجرة لأنه ما أوفى المنفعة بل المضرة لان ايفاء المنفعة بالعمل المصلح دون المفسد وفى الحمال إذا وجب ضمان المتاع المحمول فصاحبه بالخيار ان شاء ضمنه قيمته في الموضع الذي سلمه إليه وان شاء في الموضع الذي فسد أو هلك وأعطاه الاجر إلى ذلك الموضع وروى عن أبي حنيفة انه لا خيار له بل يضمنه قيمته محمولا في الموضع الذي فسد أو هلك أما التخيير على أصل أبى يوسف ومحمد فظاهر لأنه وجد جهتا الضمان القبض والاتلاف فكان له أن يضمنه بالقبض يوم القبض وله ان يضمنه بالاتلاف يوم الاتلاف أما على أصل أبي حنيفة ففيه اشكال لان عنده الضمان يجب بالاتلاف لا بالقبض فكان لوجوب الضمان سبب واحد وهو الاتلاف فيجب أن تعتبر قيمة يوم الاتلاف ولا خيار له فيما يروى عنه والجواب عنه من وجهين أحدهما أنه وجد ههنا سببان لوجوب الضمان أحدهما الاتلاف والثاني العقد لان الأجير بالعقد السابق التزم الوفاء بالمعقود عليه وذلك بالعمل المصلح وقد خالف والخلاف في أسباب وجوب الضمان فثبت له الخيار ان شاء ضمنه بالعقد وان شاء بالاتلاف والثاني انه لما لم يوجد منه ايفاء المنفعة في القدر التالف فقد تفرقت عليه الصفقة في المنافع فيثبت له الخيار ان شاء رضى بتفريقها وان شاء فسخ العقد ولا يكون ذلك الا بالتخيير ولو كان المستأجر على حمله عبيدا صغارا أو كبارا فلا ضمان على المكارى فيما عطب من سوقه ولا قوده ولا يضمن بنو آدم من وجه الإجارة ولا يشبه هذا المتاع لان ضمان بني آدم ضمان جناية وضمان الجناية لا يجب بالعقد دلت هذه المسألة على أن ما يضمنه الأجير المشترك يضمنه بالعقد لا بالافساد والاتلاف لان ذلك يستوى فيه المتاع والآدمي وان وجوب الضمان فيه بالخلاف لا بالاتلاف وذكر بشر في نوادره عن أبي يوسف في القصار إذا استعان بصاحب الثوب ليدق معه فتخرق ولا يدرى من أي الدق تخرق ودق كان صحيحا قبل أن يدقاه قال على القصار نصف القيمة وقال ابن سماعة عن محمد ان الضمان كله على القصار حتى يعلم أنه تخرق من دق صاحبه أو ممن دقهما فمحمد مر على أصلهما ان الثوب دخل في ضمان القصار بالقبض بيقين فلا يخرج عن ضمانه الا بيقين مثله وهو أن يعلم أن التخرق حصل بفعل غيره ولأبي يوسف ان الفساد احتمل أن يكون من فعل القصار واحتمل انه من فعل صاحب الثوب فيجب الضمان على القصار في حال ولا يجب ن حال فلزم اعتبار الأحوال فيه فيجب نصف القيمة وقالوا في تلميذ الأجير المشترك إذا وطئ ثوبا من القصارة فخرقه يضمن لان وطئ الثوب غير مأذون فيه ولو وقع من يد سراج فاحرق ثوبا من القصارة فالضمان على الأستاذ ولا ضمان على التلميذ لان الذهاب والمجئ بالسراج عمل مأذون فيه فينتقل عمله إلى الأستاذ كأنه فعله بنفسه فيجب الضمان عليه ولو دق الغلام فانقلب الكودين من غير يده فحرق ثوبا من القصارة فالضمان على الأستاذ لان هذا من علم القصارة فكان مضافا إلى الأستاذ فإن كان ثوبا وديعة عند الأستاذ فالضمان على الغلام لان عمله إنما يضاف إلى الأستاذ فيما يملك تسليطه عليه واستعماله فيه وهو إنما يملك ذلك في ثياب القصارة لا في ثوب الوديعة فبقي مضافا إليه فيجب عليه الضمان كالأجنبي وكذلك لو وقع من يده سراج على ثوب لوديعة فاحرقه فالضمان على الغلام لما قلنا وذكر في الأصل لو أن رجلا دعى قوما إلى منزله فمشوا على بساطه فتخرق لم يضمنوا كذلك لو جلسوا على وسادة لأنه مأذون في المشي على البساط والجلوس على الوسادة فالمتولد منه لا يكون مضمونا ولو وطؤا آنية من الأواني ضمنوا لان هذا مما لا يؤذن في وطئه فكذلك إذا وطؤا ثوبا لا يبسط مثله ولو قلبوا اناء بأيديهم فانكسر لم يضمنوا لان ذلك عمل مأذون فيه ولو كان رجل منهم مقلدا سيفا فخرق السيف الوسادة لم يضمن لأنه مأذون في الجلوس على هذه الصفة ولو جفف القصار ثوبا على حبل في الطريق فمرت عليه حمولة فخرقته فلا ضمان
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222