بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ١٧٨
فكذا ابنه ولان فيها نظرا للصغير من وجهين أحدهما ان المنافع في الأصل ليست بمال خصوصا منافع الحر وبالإجارة تصير مالا وجعل ما ليس بمال مالا من باب النظر والثاني ان ايجارة في الصنائع من باب التهذيب والتأديب والرياضة وفيه نظر للصبي فيملكه الأب وكذا وصى الأب لأنه مرضى الأب والجد أب الأب لقيامة مقام الأب عند عدمه وصيه لأنه مرضيه والقاضي لأنه نصب ناظرا وأمينه لأنه مرضيه ولا تجوز إجارة غير الأب ووصيه والجد ووصيه من سائر ذوي الرحم المحرم إذا كان له أحد ممن ذكرنا لان من سواهم لا ولاية له على الصغير ألا ترى أنه لا يملك التصرف في ماله ففي نفسه أولى الا إذا كان في حجره فتجوز اجارته إياه في قولهم إنه إذا كان في حجره كان له عليه ضرب من الولاية لأنه يربيه ويؤدبه واستعماله في الصنائع نوع من التأديب فيملكه من حيث إنه تأديب فإن كان في حجر ذي رحم محرم منه فأجره ذو رحم محرم آخر هو أقرب إليه من الذي هو في حجره بأن كان الصبي في حجر عمه وله أم فأجرته قال أبو يوسف تجوز اجارتها إياه وقال محمد لا تجوز (وجه) قول محمد ان هؤلاء لا ولاية لهم على الصبي أصلا ومقصودا وإنما يملكون الإجارة ضمنا لولاية التربية وانها تثبت لمن كان في حجره فإذا لم يكن في حجره كان بمنزلة الأجانب ولأبي يوسف ان ذا الرحم إنما يلي عليه هذا النوع من الولاية بسبب الرحم فمن كان أقرب إليه في الرحم كان أولى كالأب مع الجد وللذي في حجره ان يقبض الأجرة من حقوق العقد وهو العاقد فكان ولاية القبض له وليس له أن ينفقها عليه لان الأجرة ماله والانفاق عليه تصرف في ماله وليس له ولاية التصرف في المال وكذا إذا وهب له هبة فله ان يقبضها وليس له ان ينفقها لان قبض الهبة منفعة محض للصغير ألا ترى ان الصغير يملك قبضها بنفسه وأما الانفاق فهو من باب الولاية فلا يملكه من لا يملك التصرف في ماله ولو بلغ الصبي في هذا كله قبل انقضاء مدة الإجارة فله الخيار ان شاء أمضى الإجارة وان شاء فسخ لان في استيفاء العقد اضرارا به لأنه بعد البلوغ تلحقه الانفة من خدمة الناس والى هذا أشار أبو حنيفة فقال أرأيت لو تفقه فولى القضاء أكنت أتركه يخدم الناس وقد أجره أبوه هذا قبيح ولان المنافع تحدث شيئا فشيئا والعقد ينعقد على حسب حدوث المنافع فإذا بلغ فيصير كان الأب عقد ما يحدث من المنافع بعد البلوغ ابتداء فكان له خيار الفسخ والإجارة كما إذا عقد ابتداء بعد البلوغ وكذا الأب والجد ووصيهما والقاضي ووصيه في إجارة عبد الصغير وعقاره لان لهم ولاية التصرف في ماله بالبيع كذا بالإجارة ولو بلغ قبل انتهاء المدة فلا خيار له بخلاف إجارة النفس وقد ذكرنا الفرق بينهما في كتاب البيوع وليس للأب ومن يملك إجارة مال الصبي ونفسه وماله ان يؤجره بأقل من أجر المثل قدر ما لا يتغابن الناس في مثله عادة ولو فعل لا ينفذ لأنه ضرر في حقه وهذه ولاية نظر فلا تثبت مع الضرر وليس لغير هؤلاء ممن هو في حجره ان يؤاجر عبده أو داره لان ذلك تصرف في المال فلا يملكه الا من يملك التصرف في المال كبيع المال وقال ابن سماعة عن محمد أستحسن ان يؤاجروا عبده لأنهم يملكون إجارة نفسه فاجرة ماله أولى وكذا أستحسن ان ينفقوا عليه ما لابد منه لان في تأخير ذلك ضررا عليه وكذلك أحد الوصيين يملك ان يؤاجر اليتيم في قول أبي حنيفة ولا يؤاجر عبده وقال محمد يؤاجر عبده والصحيح قول أبي حنيفة لان لكل واحد من الوصيين التصرف فيما يخاف الضرر بتأخيره وفى ترك إجارة الصبي ضرر منه بترك تأديبه ولا ضرر في ترك إجارة العبد ولا تجوز إجارة الوصي نفسه منه للصبي وهذا على أصل محمد لا يشكل لان الوصي لا يملك بيع ماله من الصبي أصلا فلا يملك إجارة نفسه منه أما على أصل أبي حنيفة فيحتاج إلى الفرق بين البيع والإجارة حيث يملك البيع ولا يملك الإجارة ووجه الفرق انه إنما يملك بيع ماله منه إذا كان فيه نظر للصغير ولا نظر للصغير في إجارة نفسه منه لان فيها جعل ما ليس بمال مالا فلم يجز للوصي ان يعمل في مال الصبي مضاربة والفرق بين الإجارة والمضاربة ان الوصي بعقد المضاربة لا يوجب حقا في مال المضاربة وإنما يوجب حقا في الربح وانه قد يكون وقد لا يكون فلا يلحقه تهمة بخلاف الإجارة لأنها توجب حقا في مال الصبي لا محالة وهو متهم فيه لما بينا (وأما) استئجار الصغير لنفسه فينبغي ان
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222