بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ١٧٩
يجوز على قول أبي حنيفة إذا كان بأجرة لا يتغابن في مثلها لأنه يملك بيع ماله من نفسه إذا كان فيه نظر له وفى استئجاره إياه لنفسه نظرا له لما فيه من جعل ما ليس بمال مالا ويجوز للأب ان يؤاجر نفسه للصغير أو يستأجر الصغير لنفسه لان بيع مال الأب من الصغير وشراء ماله لنفسه لا يتقيد بشرط النظر بدليل انه لو باع ماله منه بمثل قيمته أو اشترى مال الصغير لنفسه بمثل قيمته يجوز فكذا الإجارة ومنها تسليم المستأجر في إجارة في إجارة المنزل ونحوها إذا كان العقد مطلقا عن شرط التعجيل بان لم يشرط تعجيل الأجرة في العقد ولم يوجد التعجيل أيضا من غير شرط عندنا خلافا للشافعي بناء على أن الحكم في الإجارة المطلقة لا يثبت بنفس العقد عندنا لأن العقد في حق الحكم ينعقد على حسب حدوث المنفعة فكان العقد في حق الحكم مضافا إلى حين حدوث المنفعة فيثبت حكمه عند ذلك وعنده تجعل منافع المدة موجودة في الحال تقديرا كأنها عين قائمة فيثبت الحكم بنفس العقد كما في بيع العين وهذا أصل نذكره في بيان حكم الإجارة وكيفية انعقادها في حق الحكم إن شاء الله تعالى ونعني بالتسليم التخلية والتمكين من الانتفاع يرفع الموانع في إجارة المنازل ونحوها وعبيد الخدمة أجير الوحد حتى لو أنقضت المدة من غير تسليم المستأجر على التفسير الذي ذكرنا لا يستحق شيئا من الاجر لان المستأجر لم يملك من المعقود عليه شيئا فلا يملك هو أيضا شيئا من الاجر لأنه معاوضة مطلقة ولو مضى بعد العقد مدة ثم سلم فلا أجر له فيما مضى لعدم التسليم فيه ولو أجر المنزل فارغا وسلم المفتاح إلى المستأجر فلم يفتح الباب حتى مضت المدة لزمه كل الاجر لوجود التسليم وهو التمكين من الانتفاع برفع الموانع في جميع المدة فحدثت المنافع في ملك المستأجر فهلكت على ملكه فلا يسقط عنه الاجر كالبائع إذا سلم المبيع إلى المشترى بالتخلية فهلك في يد البائع كان الهلاك على المشترى لأنه هلك على ملكه كذا هذا وان لم يسلم المفتاح إليه لكنه أذن له بفتح الباب فأقل مر وافتح الباب فإن كان يقدر على فتح الباب بالمعالجة لزمه الكراء لوجود التسليم وان لم يقدر لا يلزمه لان التسليم لم يوجد ولو استأجر دارا ليسكنها شهرا أو عبدا يستخدمه شهرا أو دابة ليركبها إلى الكوفة فسكن واستخدم في بعض الوقت وركب في بعض المسافة ثم حدث بها مانع يمنع من الانتفاع من غرق أو مرض أو إباق أو غصب أو كان زرعا فقطع شربه أو رحى فانقطع ماؤه لا تلزمه أجرة تلك المدة لان المعقود عليه المنفعة في تلك المدة لأنها تحدث شيئا فشيئا فلا تصير منافع المدة مسلمة بتسليم محل المنفعة لأنها معدومة المعدوم لا يحتمل التسليم وإنما يسلمها على حسب وجودها شيئا فشيئا فإذا اعترض منع فقد تعذر تسليم المعقود عليه قبل القبض فلا يجب البدل كما لو تعذر تسليم المبيع قبل القبض بالهلاك والله عز وجل أعلم ومنها أن يكون العقد مطلقا عن شرط الخيار فإن كان فيه خيار لا ينفذ في مدة الخيار لان الخيار يمنع انعقاد العقد في حق الحكم ما دام الخيار قائما لحاجة من له الخيار إلى دفع العين عن نفسه كما في بيع العين وهذا لان شرط الخيار وإن كان شرطا مخالفا لمقتضى العقد والقياس يأباه لما مر لكن تركنا اعتبار القياس لحاجة الناس ولهذا جاز في بيع العين كذا في الإجارة والله عز وجل الموفق وأما شرطا الصحة فلصحة هذا العقد شرائط بعضها يرجع إلى العاقد وبعضها يرجع إلى المعقود عليه وبعضها يرجع إلى محل المعقود عليه وبعضها يرجع إلى ما يقابل المعقود عليه وهو الأجرة وبعضها يرجع إلى نفس العقد أعني الركن أما الذي يرجع إلى العاقد فرضا المتعاقدين لقوله عز وجل يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل الا أن تكون تجارة عن تراض منكم والإجارة تجارة لان التجارة تبادل المال بالمال والإجارة كذلك ولهذا يملكها المأذون وانه لا يملك ما ليس بتجارة فثبت ان الإجارة تجارة فدخلت تحت النص وقال النبي صلى الله عليه وسلم لا يحل مال امرئ مسلم الا بطيبة من نفسه فلا يصح مع الكراهة والهزل والخطأ لأن هذه العوارض تنافي الرضا فتمنع صحة الإجارة ولهذا منعت صحة البيع وأما اسلام العاقد فليس بشرط فيصح من المسلم والكافر والحربي المستأمن كما يصح البيع منهم وكذا الحرية فيصح من المملوك المأذون وينفذ من المحجور وينعقد ويتوقف على ما بينا والله عز وجل أعلم وأما الذي يرجع إلى المعقود عليه فضروب منها أن يكون المعقود عليه وهو المنفعة معلوما علما يمنع من المنازعة فان
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222