لما فيه من الأنهار والاجهاز بسرعة الذي شرعت الذكاة لأجله، وقياسه على بندق الطين فاسد لوجود الفارق وهو وجود الخرق والنفوذ في الرصاص تحقيقا وعدم ذلك في بندق الطين، وإنما شأنه الرض والكسر، وما كان هذا شأنه لا يستعمل لأنه من الوقذ المحرم بنص القرآن اه بن. ثم إن محل الاحتراز عن العصا وبندق الطين إذا لم يؤخذ الصيد حيا غير منفوذ مقتل ويذكى ويسمى ثانيا عند ذكاته وإلا أكل، فإذا نفذ مقتل من مقاتله لم يؤكل عندنا، ولو أدرك حيا وذكى، وعند الحنفية: ما أدرك حيا ولو منفوذ جميع المقاتل وذكى يؤكل ولا خلاف بيننا وبينهم في أن ما مات به لا يؤكل، وفي أن ما لم ينفذ بسببه مقتل من مقاتله وأدرك حيا وذكى يؤكل فالأقسام ثلاثة. قوله: (وإذا زجر انزجر) هذا الشرط غير معتبر في الباز لأنه لا ينزجر بل رجح بعضهم عدم اعتبار الانزجار مطلقا لان الجارح لا يرجع بعد استيلائه. واعلم أن عصيان المعلم مرة لا يخرجه عن كونه معلما كما لا يكون معلما بإطاعته مرة بل المرجع في ذلك العرف. قوله: (بإرسال له من يده إلخ) الباء للملابسة أي أو حيوان علم متلبس بإرسال من يده أي من يد المسلم المميز والمراد باليد حقيقتها، ومثلها إرساله من حزامه أو من تحت قدمه لا القدرة عليه أو الملك فقط، ثم إن ما مشى عليه المصنف من اشتراط الارسال من يده ونحوها وأنه لو كان مفلوتا فأرسله لم يؤكل هو قول مالك الذي رجع إليه، وكان يقول: أو لا يؤكل ولو أرسله من غير يده وبه أخذ ابن القاسم والقولان في المدونة، واختار غير واحد كاللخمي ما اختاره ابن القاسم قاله ابن ناجي، وكان حق المصنف أن يذكره لقوته اه بن. قوله: (وكفت نية الآمر) أي سيد الغلام قوله: (ولا يشترط حينئذ أن يكون الغلام مسلما) أي لان الناوي المسمى هو سيده فالارسال منه حكما.
قوله: (بلا ظهور ترك) الباء للملابسة أي ملتبس ذلك الحيوان بعدم ظهور الترك منه لما أرسل عليه، بل لا بد أن يكون منبعثا من حين الارسال إلى حين أخذه الصيد. وحاصله أنه يشترط في جواز أكل الصيد إذا قتله الجارح أن يكون منبعثا من حين الارسال إلى حين أخذ الصيد، فلو ظهر فيه تشاغل بغير الصيد ثم انبعث ثانيا فلا يؤكل، وظاهره كالمدونة أنه لا فرق بين قليل التشاغل وكثيره، ورأي اللخمي أن قليل التشاغل لا يضر. قوله: (قبل الوصول) أي للصيد. قوله: (بشئ قبله) أي قبل الوصول إليه. قوله: (ولو تعدد مصيده) مبالغة في قوله: وحشيا أي هذا إذا كان المصيد الوحشي واحدا بل ولو تعدد ذلك المصيد أي إن نوى الجميع كذا قال في التوضيح وهذا قول ابن القاسم. وقال ابن المواز: لا يؤكل إلا الأول وهو الذي أشار له المصنف بلو، قال عج: فإن لم يكن له نية في واحد ولا في الجميع لم يؤكل شئ، وقال جد عج: يؤكل جميع ما جاء به في هذه أيضا فأدخلها في تصوير المصنف وهذا هو الصواب ومحل قوله الآتي أو قصد ما وجد عدم الرؤية والموضوع هنا تحققها، فلو نوى واحد بعينه لم يؤكل إلا إياه وإن عرف، وإن نوى واحدا لا بعينه لم يؤكل إلا الأول أيضا فالصور أربع، ولو شك في الأول لم يأكل شيئا قاله اللخمي اه بن.
قوله: (فلو صاد شيئا لم ينوه) أي بأن نوى معينا فأتى بغيره قوله: (لم يؤكل بصيده) أي وإنما يؤكل بذكاة قوله: (ألم يرى الخ) حاصله أنه إذا أرسل كلبه أو بازه المعلم على على غار أو غيضة لم يعلم أن فيها صيدا ونوى ذكاة ما وجده فيها فدخل ذلك الكلب أو الباز الغار أو الغيضة فوجد صيدا فقتله فإنه يؤكل تنزيلا للغالب منزلة المعلوم، ومن باب أولى إذا علم أن في الغار أو الغيضة صيدا ولم يره ببصره وما قبل المبالغة علمه وإبصاره أو أحدهما فقط والمبالغ عليه انتفاؤهما، فالمعنى إذا كان الصائد الذي هو المسلم المميز عالما بالصيد ورآه أو علم به بدون رؤية بأن أخبره به مخبر بل ولو انتفى كل من الامرين حالة كونه بغار أو غيضة في نفس الامر بأن لم يعلم أن فيه شيئا لكن نوى إن أتى منه بشئ فهو مذكى فأرسل الجارح فوجد صيدا فقتله، ومحل جواز أكل الصيد في حالتي العلم وعدمه إذا لم يكن للغار أو الغيضة منفذ آخر