يحنث لان علمه كإذنه وقد حلف أنه لا يأذن لها في ذلك الزائد. قوله: (وقيل لا يحنث مطلقا) أي علم بالزيادة أو لم يعلم بها، والقول الأول سماع ابن أبي زيد من ابن القاسم وهو المعتمد، والقول الثاني نقل الواضحة عن ابن القاسم وهو ضعيف. واعلم أن محل الخلاف إذا خرجت ابتداء لما أذن لها فيه ثم زادت عليه، وأما لو ذهبت لغير ما أذن لها فيه ابتداء ثم ذهبت لما أذن لها فيه بعد ذلك فإنه يحنث اتفاقا سواء علم بالزيادة أم لا، ومحله أيضا ما لم يقل لها لا آذن لك في غيره وإلا حنث مطلقا اتفاقا.
قوله: (وبعوده لها) أي طائعا لا مكرها لان الصيغة صيغة بر ولا حنث فيها بفعل المحلوف على تركه كرها بالقيود المتقدمة، واعترض على المصنف في تعبيره بالعود لان الحنث لا يتقيد بما إذا كان ساكنا ثم عاد، وأجيب بأن العود قد يطلق بمعنى الدخول أو لا كما في قوله تعالى: * (أو لتعودن في ملتنا) * أي لتدخلن وهو المراد هنا. وحاصله أنه إذا حلف لا أسكن هذه الدار أو الدار الفلانية والحال أنها في ملكه أو ملك غيره ثم انتقلت لملك شخص آخر فسكنها بعد انتقالها لملك الآخر فإنه يحنث إن لم ينو ما دامت في ملكي أو في ملك فلان، وإلا فلا حنث في سكناها بعد انتقالها لملك آخر. قوله: (أي للدار) أي المفهومة من قوله: لا سكنت هذه الدار. قوله: (أي بعد خروجها عن ملكه) أي أو ملك صاحبها غيره بدليل ما يأتي. قوله: (فباعها) أي صاحبها وسكنها الحالف. قوله: (أو دار فلان هذه) أي فباعها فلان صاحبها وسكنها الحالف وهي في ملك ذلك المشتري، وإنما حنث في هاتين المسألتين لما في اسم الإشارة من التعيين فلا يزيله انتقال الملك وإتيانه باسم الإشارة يقوي أنه إنما كره تلك. قوله: (أي ما دامت للمالك) أي وهو فلان في الثانية أو الحالف أو غيره في الأولى، وإنما احتيج لذلك التكلف لان المتبادر رجوعه للثانية، إذ مقتضى رجوعه للأولى أن يقال ما دامت في ملكي أو له. واعلم أن المسألة الثانية الحنث فيها إلا أن ينوي ما دامت له قولا واحدا، وكذا الأولى الحنث فيها ما لم ينو ما دامت لي اتفاقا إن كانت الدار له، فإن كانت لغيره فقيل يحنث مطلقا ولو نوى ما دامت له، وقيل يحنث ما لم ينو ذلك وإلا فلا حنث وهذا هو المعتمد، إذا علمت هذا تعلم أن هذا القيد وهو قول المصنف: ما دامت له يصح رجوعه للأولى مطلقا ولو كانت في ملك الغير على المعتمد. قوله: (ولا إن دخلها بعد أن خربت) أي لزوال اسم الدار عنها، ومن هذا إذا خرب المسجد لا يطلب له تحية كما في ح، ومقتضاه زوال أحكام المسجدية لا أصل الحبس تأمل. قوله: (وصارت طريقا) هذا فرض مثال وزيادة بيان لا شرط كما أشار له الشارح، وذكر ح الخلاف فيمن ترك داره طريقا مدة طويلة هل تصير وقفا عليه أم لا؟ قوله: (أو بنيت مسجدا) أي بعد خرابها. واعلم أن محل عدم الحنث إذا دخلها بعد أن خربت وصارت طريقا أو بنيت مسجدا مقيد بما إذا كان حلفه أنه لا يدخلها كراهية في صاحبها أو في بنائها الذي قد زال، وأما لو كان حلفه كراهية في البقعة من الأرض فإنه يحنث بدخولها مطلقا ولو خربت وصارت طريقا أو بنيت مسجدا. قوله: (إن هذا الحكم) أي وهو الحنث إذا دخلها بعد التخريب والحال أنه قد أمر به. قوله: (وإن كان الامر في المدونة متعلقا بالاكراه) أي لا بالتخريب كما هو ظاهر المصنف، ويمكن جعل الضمير في كلام المصنف عائدا على الاكراه بارتكاب تقدير في الكلام والأصل ولا إن خربت وصارت طريقا أو بنيت ودخلها مكرها إن لم يأمر به أي بالاكراه، وحينئذ فيكون كلام المصنف موافقا لكلام المدونة. قوله: (لقولها إلخ) نصها: وإن حلف أن لا يدخل هذه الدار فهدمت أو خربت حتى صارت طريقا لم يحنث، فإن بنيت بعد ذلك فلا يدخلها، فإن دخلها مكرها لم يحنث إلا أن يأمرهم بذلك فيقول: احملوني ففعلوا به ذلك فإنه يحنث. قوله: (إن كان ذلك الوكيل من ناحيته) أي في نفس الامر بأن