والأربعة إذ معلوم أن ذلك لا يمكنهم. واستدلال أصحابنا بحديث الغير يقتضي إجازتهم للجمعة من اثني عشر رجلا مع الامام، والذي يجب أن يعتمد عليه من الدليل أن هذا عدد يصح منهم الانفراد بالاستيطان فصح أن تنعقد بهم الجمعة. انتهى مختصرا بالمعنى. ويمكن حمل كلام المصنف على هذا المعنى بتكلف، ويكون المراد أنه يشترط في وجوب الجمعة وفي صحتها أن يكون في محل إقامتها جماعة تتقرى بهم فرية أولا أي في وجوبها على أهل البلد وصحتها منهم لا في حضورها، وإلا فيجوز إذا حضرها أثناء عشر رجلا فتأمله. وقد ذكر ابن عرفة كلام ابن عبد السلام واستفسره فقال: إن أراد أن عدد الجماعة شرط كفاية فيها فلا قائل به، وإن أراد أنه شرط في وجوبها لا في أدائها فباطل، لأن ما هو شرط في الوجوب شرط في الأداء وإلا أجزأ الفعل قبل وجوبه عنه بعده، وإن أراد صحتها باثني عشر قبل إحرامها أو بعد فهذا ما تقدم للباجي وابن رشد انتهى.
قلت: لم يرد أن الجماعة الذي تتقرى بهم القرية شرط كفاية ولا أنها شرط في الوجوب دون الأداء، بل أراد الوجوب دون الأداء، بل أراد الوجه الثالث وهو أن وجودهم في القرية شرط في الوجوب وفي الأداء في كل جمعة فلا يشترط حضورهم بل تصح باثني عشر منهم. فلو كان في فرية جماعة تتقرى بهم وجبت عليهم الجمعة، ثم سافر منهم جماعة حتى لم يبق فيها من تتقرى به، فإن سافروا بنية الانتقال فلا إشكال في سقوط الجمعة عن الباقين، وإن سافروا الموضع قريب بنية العود فالظاهر أن الجمعة تجب على الباقين. وقد قال الآبي في شرح مسلم: إذا كان بالقرية من تنعقد بهم الجمعة ثم تفرقوا يوم الجمعة في أشغالهم من حرث أو حصاد لا يبقى بها إلا العدد الذي لا تنعقد بهم الجمعة، فكان الشيخ يعني ابن عرفة يقول: