مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٥٢٩
فائدة: قال ابن العربي: حكى المؤرخون عن عثمان كذبة عظيمة أنه صعد المنبر فارتج عليه فقال كلاما من جملته: وأنتم أحوج إلى إمام فعال منكم إلى إمام قوال. أقول: يا الله وللعقول إن قلنا اليوم لا يرتج عليه فكيف عثمان لا سيما وأقوى أسباب الحصر في الخطبة أنه لا يدري ما يرضي السامعين ويميل قلوبهم لأنه يقصد الظهور عندهم، ومن كانت خطبته الله فليس يحصر عند حمد وصلاة وحض على خير وتحذير من شر أي شئ كان، ويحصر إلا من كان له غرض غير الخير انتهى.
فرع: قال البرزلي: سئل ابن عرفة عن مسألة حاصلها: ما حكم ذكر خطيب الصلاة في خطبته الصحابة رضوان الله عليهم والسلطان سدده الله؟ وما قول من قال إن ذلك بدعة؟
وما قول من قال إن ذلك شرع لا يخالف أو واجب لا يترك؟ وجوابها أن نقول: أما بدعة ذكر الصحابة فهذا عندي جائز حسن لاشتماله على تعظيم من علم تعظيمه من الشريعة ضرورة ونظرا ولا سيما إذا مزج ذلك بما كانوا عليه من نصرة سيدنا محمد (ص) ويذل نفوسهم في إظهار الدين. وأما بدعة ذكر السلاطين بالدعاء والقول السالم من الكذب فأصل وضعها في الخطبة من حيث ذاته مرجوح لأنها مما لم يشهد الشرع باعتبار حسنها فيما أعلم، وأما بعد إحداثها واستمرارها في الخطب في أقطار الأرض وصيرورة عدم ذكرها مظنة اعتقاد السلاطين في الخطيب ما يخشى غوائله ولا تؤمن عاقبته، فذكرهم في الخطب راجع أو واجب انتهى.
وقال سند: وأما الدعاء للسلاطين فلا يستحب لما روي عن عطاء أنه سئل عن ذلك فقال: هو محدث. وقال في الروض لابن المقري من الشافعية: والمختار لا بأس بالدعاء للسلاطين. قال في شرحه: ما لم تكن فيه مجاوزة في وصفه إذ يستحب الدعاء بصلاح السلطان انتهى. ص:
(تحضرهما الجماعة) ش: يريد وجوبا قال ابن عرفة قال ابن القصار والقاضي عبد الوهاب واللخمي: لا نص وظاهر المذهب وجوبه. وقال ابن رشد: في وجوبه قولان: لها ولغيرها. وقال الباجي: الوجوب نصها لأن فيها لا يجمع إلا بجماعة والامام يخطب. وصوبه عياض من هذه الرواية انتهى. وكذلك قال صاحب الطراز الذي حكاه عبد الوهاب هو مقتضى الكتاب ثم جعله المذهب فإنه قال في توجيهه: ووجه المذهب قوله (ص) صلوا كما رأيتموني أصلي ولم يصل (ص) قط جمعة إلا بخطبة في جماعة مستقلة، ولان العرض الموعظة والتذكير وذلك ينافي كونه واحدة.
(٥٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 524 525 526 527 528 529 530 531 532 533 534 ... » »»
الفهرست