صاحب الطراز في شرح هذه المسألة وذلك لأنه إذا وقف مستقبل القبلة ولوى عنقه فقط فجميع جسده مستقبل القبلة خلا وجهه وهو صورة فعل أبي بكر رضي الله عنه، فلما كان جسده مستقبل القبلة كان حق الاستقبال قائما. وكذلك إذا التفت بجميع جسده ورجلاه مستقبلتان إلى القبلة فحق الاستقبال في هذه الحالة أيضا قائم لأنه من وسطه إلى أسفله مستقبل القبلة وجسده أيضا في حكم المستقبل وإنما هو منحرف يسيرا، وإنما الاخلال بوجهه فوق الاخلال بصدره. أما إذا استقبل برجليه جهة غير جهة القبلة كان تاركا للتوجه منصرفا عن جهة البيت، ولو حول وجهه إلى جهة القبلة لم ينفعه ذلك كما لو جعل ناحية القبلة خلف عقبيه ثم التفت إليها بوجهه وراء ظهره انتهى.
وقال في العارضة في حديث البزاق في الصلاة قوله في الحديث: إذا كنت في الصلاة فلا تبزق عن يمينك ولكن خلفك أو تلقاء شمالك وتحت قدمك اليسرى فيه دليل على أن الرأس إذا كان في الصلاة مخالفا للقبلة تيامنا أو تياسرا أو إدبارا لا تبطل الصلاة إلا أن يتبعه البدن في الادبار فتبطل الصلاة حينئذ إلا أن يصلي معاينا للبيت فإنه إن تياسر خرج عنه وبطلت الصلاة انتهى. فقوله: إلا أن يتبعه البدن يريد جميع البدن حتى الرجلين لما تقدم في كلام المدونة أن الصلاة لا تبطل ولو التفت بجميع بدنه، وإلى هذا أشار ابن العربي بقوله: مع الادبار وقوله: إلا أن يصلي معاينا للبيت الخ. يعني فتبطل صلاته وأيضا، مع التياسر يريد إذ كان ذلك بجميع البدن حتى الرجلين ومثله التيامن. وإنما خص التياسر بالذكر لأنه المأمور به في حديث البزاق، وإنما خص المعاين للبيت ببطلان صلاته مع التياسر والتيامن لأن ذلك لا يبطلها في غير المعاينة وإنما يبطل بالتشريق والتغريب والاستدبار كما تقدم في كلام أبي الحسن الصغير. ثم قال في العارضة في باب الالتفات في الصلاة. قد بينا أن ذلك لا يبطل الصلاة ولو رد رأسه كله خلفه ما لم يكن من بدنه ذلك انتهى. يعني ما لم يستدبر بجميع بدنه كما تقدم فتأمله والله أعلم. وقال ابن رشد في شرح أول مسألة من كتاب الصلاة: الذي ذهب إليه مالك رحمه الله تعالى أن يكون بصر المصلي أمام قبلته من غير أن يلتفت إلى شئ أو ينكس رأسه وهو إذا فعل ذلك خشع ببصره ووقع في موضع سجوده على ما جاء عن النبي (ص)، وليس يضيق عليه أن يلحظ بصره الشئ من غير التفات إليه فقد جاء ذلك عن النبي (ص) انتهى.
تنبيه: قال في اللباب: من المكروهات رفع بصره إلى السماء انتهى. وقال في المستحبات: وأن يضع بصره في جميع موضع سجوده انتهى. وفيه سقط ولعله أصله في