حصير الحلفاء والبردي و الديس والحصر التي تعمل من هذه الأشياء لا يكون فيها رفاهية لخشونتها والله أعلم انتهى.
وأما القسم الثالث: وهو الجائز وهو الذي أشار إليه المؤلف بقوله: لا حصر أي فلا يكره السجود عليها والمراد به كل ما تنبته الأرض. قال في المدونة إثر كلامه المتقدم: ولا بأس أن يسجد على الخمرة والحصير وما تنبت الأرض ويضع كفيه عليها انتهى. وقال ابن عرفة: ويجوز على حائل من نبات لا يستنبت كحصير أو خمرة. اللخمي: وشبهه مما لا يقصد لترفهه انتهى. وما ذكره من تقييد النبات بما لا يستنبت لم أره إلا في عبارة ابن رشد وفي شرح مسلم لتلميذه الآبي قال في رسم الصلاة الثاني من سماع أشهب الصلاة على حائل مكروهة إلا أن يكون الحائل مما يشاكل الأرض، ولا يقصد به الترفه والكبر كحصر الحلفاء والبردي والدوم، وشبه ذلك مما تنبته الأرض بطبعها. وقد أجاز ابن مسلمة الصلاة على ثياب الكتان والقطن لأنها مما تنبته الأرض، والأظهر ما ذهب إليه مالك لأن الأرض لا تنبته بطبعها لأن ذلك مما فيه الترفه، فإذا كانت العلة في هذا القصد إلى التواضع وترك ما فيه الترفه فالصلاة مكروهة على حصر السامان وما أشبهها مما يشتري بالأثمان العظام ويقصد به الكبر والترفه والزينة والجمال انتهى.
تنبيهات: الأول: قد علمت أن حصر السامان وشبهها مستثناة من قول المصنف: لا حصير.
الثاني: إنما يكره السجود على الثوب إذا كان لغير حر أو برد. قال في كتاب الصلاة الأول من المدونة: وإن كان حرا أو بردا جاز أن يبسط ثوبا يسجد عليه ويجعل عليه كفيه انتهى. وقال البرزلي في كلامه على المسائل التي اعترض بها المرابط عمر: وأما ما يقف عليه ويجلس فلا بأس به في كل شئ، وكذا ما بسط لحر الأرض أو بردها أو حزونتها أي خشونتها فهو جائز، والمكروه على مذهب المدونة ما فيه رفاهية مما تنبته وما لا تنبته إذا كان لغير ما ذكرنا انتهى. وقال في العارضة: والأفضل للساجد أن يلي الأرض بوجهه ويجوز له أن يتخذ خمرة خاصة لحر أو برد وذلك مؤكد واليدان يليان الوجه في التأكيد انتهى.
الثالث: قول ابن عرفة: من نبات لا يستنبت، وقول ابن رشد: مما تنبته بطبعها يقتضي أن السجود على الخمرة ليس من الجائز لأنها من النخل وهو مما يستنبت، وقد أجاز ذلك في المدونة مثل به ابن عرفة في كلامه. فعلى هذا ينبغي أن يقيد كلامهما بما عدا ما يستعمل من النخل فتأمله والله أعلم. وفي مسائل الصلاة من البرزلي ذكر سؤالا عن عز الدين بن عبد السلام في الصلاة على السجادة ثم قال: قلت: إن كانت السجادة مما تنبت الأرض فالمشهور عندنا أنه مكروه خلافا لابن مسلمة، وإن كانت مما لا تنبته فمكروه