مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ١٣٠
يرفع صوته بالأذان والإقامة انتهى. ولهذا لم يذكر صاحب الطراز لما تكلم على مسألة المدونة فيه ذلك خلافا بل قال: إن الإقامة شرعت أهبة للصلاة بين يديها تفخيما لها كغسل الاحرام وغسل الجمعة فحسن أن يقال فيها: من أقام في المسجد بعدما صلى أهله لا يجهر بذلك لما فيه من اللبسة والدلسة، ولأنه إذا سمع منه ذلك مرارا يظن به الخروج عن رأي الامام وعما عليه الجماعة، وأنه يتعمد أن يصلي وحده انتهى فتأمله. وقال الشبيبي في شرح الرسالة: وفي صفة الإقامة أن تكون جهرا للجماعة سرا للفذ والله تعالى أعلم.
الرابع: قال اللخمي: من شرط الإقامة أن تعقبها الصلاة، فإن تراخى ما بينهما أعاد الإقامة، وقد روي عن النبي (ص) التوسعة في ذلك انتهى. وقال صاحب الطراز لما تكلم على الخلاف في إقامة الراكب وصوب مذهب المدونة وأنه لا يقيم راكبا قال: لأن ذلك أقرب لاتصال الإقامة بالصلاة، فإن أقام راكبا ثم نزل وأحرم من غير كبير شغل أجزأه ذلك ثم قال:
فرع: إذا كان المستحب إيصال الإقامة بالصلاة فهل يبعد المؤذن في الإقامة عن الامام مثل الجامع الواسع يخرج المؤذن إلى بابه، أو يصعد على سطحه فيقيم؟ قال أشهب: أحب إلي أن تكون الإقامة في صحن المسجد وقرب الامام. وقال ابن القاسم في العتبية: لا بأس أن يخرج خارج المسجد إن كان ليسمع من حوله أو قربه، وإن لم يكن ذلك فهو خطأ. قال مالك في المجموعة في الإقامة على المنار, أو على ظهره أو خارجه: لا بأس بذلك وإن كان ليخص رجلا ليسمعه فداخل المسجد أحب إلي. وفي الموطأ أن ابن عمر سمع الإقامة وهو بالبقيع فأسرع.
وهذا يقتضي أن الإقامة لم تكن داخل المسجد ولو كانت لما سمعت من البقيع انتهى. وما ذكره عن العتبية نحوه في نوازل سحنون من كتاب الطهارة. وقال في الذخيرة: لما تكلم على مسألة إقامة الراكب لأن السنة اتصال الإقامة بالصلاة والنزول عن الدابة وعقلها وإصلاح المتاع طول انتهى. وقوله في الطراز: إذا كان المستحب اتصال الإقامة بالصلاة يقتضي أن اتصال الإقامة بالصلاة مستحب لا شرط، وهو خلاف ما تقدم في كلام اللخمي، لكن يمكن أن يحمل كلامه على الفصل اليسير فهو الذي يستحب تركه، وأما إن طال الفصل فإنه يعيد الإقامة كما يدل عليه قوله فإن أقام راكبا ثم نزل وأحرم من غير تكبير شغل فيكون موافقا لكلام اللخمي. وكذا يحمل كلام القرافي وقد قال ابن عرفة: روى ابن القاسم أن بعد تأخير الصلاة عن الإقامة أعيدت وفي إعادتها البطلان صلاتها وإن طال. نقل عياض عن ظاهرها وبعضها، وعز المازري الأول لبعضهم أخذا من قولها: من رأى نجاسة في ثوبه قطع وابتدأ بإقامة، ولم يحك الثاني انتهى. وقد تقدم في فصل إزالة النجاسة عن ابن ناجي أنه قال: ظاهر المدونة أنه يبتدئ بإقامة طال أم لا. وعليه حملها بعضهم قائلا: إن الإقامة الأولى كانت صلاة فاسدة فبطلت بطلانها. وقال آخرون: إنما ذلك في الطول، وأما القرب فلا يفتقر لإقامة انتهى.
وقال في النوادر. ومن المجموعة قال ابن القاسم عن مالك: ومؤذن أقام الصلاة فأخره الامام
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست