قال مالك: ومن صلى بغير إقامة عامدا أو ساهيا أجزأه ويستغفر الله العامد. وقال ابن كنانه وابن الماجشون وابن زيادة وابن نافع: من ترك الإقامة فليعد صلاته، فوجه قول مالك: إنها سنة منفصلة لا تفسد بفسادها الصلاة. فوجب أن لا تفسد بتركها، ووجه الآخر أنها من سنن الصلاة كالتي من صلب الصلاة فتركها عمدا لعب بالصلاة فوجب أن لا تجزئه انتهى. ولم يعزه اللخمي، إلا لابن كنانة ونصه: ومن ترك الإقامة عمدا أو سهوا أجزأته صلاته. وقال ابن كنانة: يعيد الصلاة إذا تركها عمدا. والأول أحسن انتهى. وقال ابن ناجي: وعزاه ابن هارون لرواية جميع من ذكر ابن يونس، ولرواية يحيى بن يحيى وابن عبد الحاكم انتهى. قلت: ولم يعزه في النوادر إلا لابن سحنون عن ابن كنانة. وقال ابن بشير: ولا شك أن من أمر بالاذان فتركه لا تبطل صلاته، وأما من أمر بالإقامة فتركها سهوا لم تبطل صلاته، وأما العامد ففيه قولان: المشهور أنها لا تبطل والشاذ أنها تبطل، وهو على الخلاف في تارك السنن متعمدا هل يعد عابثا فتبطل صلاته، أم لا يعد كذلك لأنه غير مأثوم في الترك فلا تبطل؟ انتهى. فظاهر كلامهم أن يعيد الصلاة أبدا، وكلام ابن يونس كالصريح في ذلك، وكلام ابن بشير صريح في ذلك، وعزا صاحب الطراز هذا القول لابن سحنون عن ابن كنانة وقال: إنه يعيد في الوقت ونصه: قال ابن القاسم: سألت مالكا عمن يصلي بغير إقامة ناسيا فقال: لا شئ عليه.
قلت: فلو تعمد؟ قال: فليستغفر الله ولا شئ عليه. وذكر ابن سحنون عن ابن كنانة في العامد أنه يعيد الصلاة إن كان في وقته، والأول أصح ولا يعرف فيه خلاف، وقد ذكرنا قوله في الواضحة في المنفرد: إن أقام فحسن. وجوز جماعة من السلف للفذ ترك الإقامة. النخعي والشعبي وابن حنبل: ولان ما لا يوجب سجود السهو ولا إعادة لا يوجب عمده الإعادة كالتسبيح واعتبارا بالاذان واعتبارا بالمرأة، ونقله في الذخيرة وقبله ولم يحكه غيره وعليه اقتصر الشارح في الكبير والوسط، ولم يذكر في الصغير مقابل المشهور وعزاه في الشامل لابن كنانة وغيره، ولم يبين الإعادة هل هي في الوقت أو أبدا، ولم يذكر ابن عرفة غير كلام المدونة وهو غريب لأنه لا يترك نقل الخلاف خصوصا الذي في مثل هذه الكتب المذكورة، ولم يتكلم المصنف في التوضيح على ترك الإقامة. وقال ابن عبد السلام في قول ابن الحاجب: والإقامة سنة لم يذكر فيها خلاف المذهب وإن وقع إطلاق الاستغفار لتاركها ووقع فيها وفي الاذان الإعادة في الوقت انتهى. قال ابن ناجي في شرح المدونة بعد أن ذكر كلام ابن عبد السلام:
ولا أعرفه إلا لنقل ابن راشد عن ابن كنانة في الإقامة فقط انتهى.
قلت: قد تقدم نقله عن صاحب الطراز والقرافي في ذخيرته.