تنبيهات: الأول: تحصل مما تقدم أن في مقابل المشهور طريقتين: إحداهما لابن يونس واللخمي وابن بشير وابن هارون وغيرهم أن الإعادة أبدا. الثانية لصاحب الطراز والقرافي وابن راشد أن الإعادة في الوقت. وقال الشبيبي في شرح الرسالة ولا إعادة عليه على المشهور وقيل:
يعيد في الوقت وقيل: أبدا.
الثاني: علم مما تقدم أنه لا خلاف في عدم الإعادة التارك لها سهوا لا في الوقت ولا غيره.
الثالث: تقدم في كلام صاحب الطراز وابن بشير ما يقتضي أن من ترك الاذان عامدا لا إعادة عليه في الوقت ولا بعده وهو كذلك، إلا ما وقع في كلام ابن عبد السلام من حكاية القول الشاذ بالإعادة في الوقت وهو غيره معروف كما قال ابن ناجي. نعم تقدم في أول الفصل في كلام ابن عرفة أن الطبري روى عن مالك أنه إن تركه أهل مصر عمدا بطلت صلاتهم وأن أشهب روى عن مالك أنه إن تركه مسافر عمدا أعاد صلاته، وهذا خلاف المعروف من المذهب والله تعالى أعلم.
الرابع: قوله في المدونة وليستغفر الله تعالى قال في الذخيرة: كيف يطلق لفظ الاستغفار المختص بالذنوب في ترك السنن وتركها ليس بذنب؟ وأجاب بأن الله سبحانه وتعالى يحرم العبد من التقرب إليه بالنوافل والفرائض عقوبة له على ذنوبه، ويعينه على التقرب بسبب طاعته لقوله تعالى: * (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) * وقوله: * (فأما من أعطى واتقى) * الآية. فإذا استغفر من ذنوبه غفرت له بفضل الله وأمن حينئذ من الابتلاء بالمؤاخذة بالحرمان. ونقله ابن ناجي في شرح المدونة عن ابن راشد وقال: هكذا سمعت من شيخي القرافي.
قال ابن ناجي: وكان شيخنا يعني البرزلي يذهب إلى هذا دون استدلال ونسبه لنفسه، ولا يبعد أن يكون الاستغفار أيضا لتهاونه بالسنة كقول خويز منداد: إن ترك السنن فسق وإن تمالا عليه أهل بلد عوقبوا انتهى. والله أعلم. وقال الوانوغي في حاشيته على المدونة:
جواب القرافي هنا ضعيف. قال المشذالي: ليس هو بضعيف كما زعم وقد ذكره غير القرافي.
الخامس: تقدم في كلام صاحب الطراز أن من تركها سهوا لا يسجد وهو كذلك. قال في الطراز: فلو ظن أن ذلك لنقص يؤثر فسجد له فإن كان بعد السلام فصلاته تامة وسجوده لغو، وإن سجد قبل السلام ففي مختصر الطليطلي أنه يعيد الصلاة لأنه أدخل في صلب صلاته سجودا ليس منها ورآه بمنزلة من زاد في صلاته على وجه الجهل انتهى. وذكره القرافي في الذخيرة وأسقط بعضه فصار مشكلا فإنه قال: إذا سجد له بعد السلام فلا شئ عليه.
وقال في مختصر الطليطلي: يعيد. فكلامه أوهم أن كلام الطليطلي فيما إذا سجد بعد السلام وليس كذلك، وقد نص الهواري في مسائل السهو على أنه إذا سجد بعد السلام فلا شئ عليه. مالك وإن سجد قبل السلام فقال في مختصر الطليطلي: يعيد الصلاة انتهى بالمعنى. وقال