الفاسقة، أو طلقت التي سقط حقها بالنكاح، تثبت لها الحضانة لزوال المانع، وسواء كان الطلاق رجعيا أو بائنا، هذا هو نص المذهب، وخرج ابن سريج قولا أنه لا حضانة للرجعية حتى تنقضي العدة، وبه قال المزني لأن الرجعية زوجة، فعلى المذهب: إن اعتدت في بيت الزوج فإنما تثبت لها الحضانة إذا رضي الزوج بأن يدخل الولد بيته، فإن لم يرض، لم يكن لها أن تدخله بيته، وكذا في البائن، وإذا رضي، ثبت حقها بخلاف رضاه في صلب النكاح، لأن المنع هناك لاستحقاقه الاستمتاع، واستهلاك منافعها فيه، وهنا للمسكن، فإذا أذن صار معيرا.
فرع إذا امتنعت الام من الحضانة، أو غابت، فثلاثة أوجه، الصحيح:
أنها تنتقل إلى الجدة، كما لو ماتت، أو جنت، والثاني: تنتقل إلى الأب، والثالث: إلى السلطان لبقاء أهلية الام كما لو غاب الولي في النكاح، أو عضل، يزوج السلطان لا الأبعد، فعلى الصحيح متى امتنع الأقرب من الحضانة، كانت لمن يليه، لا للسلطان، لأنها للحفظ والقريب الأبعد أشفق من السلطان.
فصل أما المجنون، فهو من لا يستقل بمراعاة نفسه، ولا يهتدي إلى مصالحه لصغر أو جنون، أو خبل وقلة تمييز، ومتى بلغ الغلام رشيدا، ولي أمر نفسه ولا يجبر على كونه عند الأبوين أو أحدهما، ولكن الأولى أن لا يفارقهما ليخدمهما ويصلهما بره، وإن بلغ عاقلا غير رشيد، فقد أطلق جماعة أنه كالصبي، لا يفارق الأبوين، وتدام حضانته، وقال ابن كج: إن لم يحسن تدبير نفسه، فالحكم كذلك، وأما إن كان اختلال الرشيد لعدم الصلاح في الدين، فالصحيح أنه يسكن حيث يشاء، ولا يجبر أن يكون عند الأبوين، أو أحدهما، وقيل: تدام حضانته إلى ارتفاع الحجر عنه، وهذا التفصيل حسن. وأما الأنثى إذا بلغت، فإن كانت مزوجة، فهي عند زوجها، وإلا، فإن كانت بكرا، فعند أبويها أو أحدهما إن افترقا، وتختار من شاءت منهما، وهل تجبر على ذلك؟ وجهان، أحدهما: نعم، وليس لها الاستقلال، والثاني: لا، بل لها السكنى حيث شاءت، لكن يكره لها مفارقتهما، وبهذا قطع العراقيون، وصحح ابن كج والامام والغزالي الأول، ثم