يتصور أن تشهد أنها أرضعت الزوج أو أرضعته أمها أو أختها، ولو شهدت الام أو البنت من غير تقدم دعوى على سبيل الحسبة، قبلت وإن احتمل كون الزوجة مدعية، لأن الرضاع تقبل فيه شهادة الحسبة، وهذا كما لو شهد أبو الزوجة وابنها أو ابناها ابتداء أن زوجها طلقها، قبلت. ولو ادعت الطلاق، فشهدا، لم تقبل.
الثالثة: لا تقبل شهادة المرضعة وحدها، وهل تقبل شهادتها فيمن يشهد إن ادعت أجرة الرضاع، لم تقبل، وفي وجه حكاه الماوردي عن أبي إسحاق: تقبل في ثبوت الحرمة دون الأجرة، والصحيح المنع فيهما، وإن لم تدع أجرة، نظر إن لم تتعرض لفعلها بأن شهدت بأخوة الرضاع بينهما، أو على أنهما ارتضعا منها، قبلت شهادتها، ولا نظر إلى ما يتعلق به من ثبوت المحرمية، وجواز الخلوة والمسافرة، فإن الشهادة لا ترد بمثل هذه الأغراض. ولهذا لو شهد رجلان أن زيدا طلق زوجته، أو أعتق أمته، قبل بلا خلاف، وإن استفادا حل مناكحتها. وإن شهدت على فعل نفسها، فقالت: أرضعتهما، فوجهان، أحدهما: لا تقبل، كما لا تقبل شهادتها على ولادتها، ولا شهادة الحاكم على حكم نفسه بعد العزل، ولا القسام على القسمة. وأصحهما: تقبل، وبه قطع الأكثرون، لأنها لا تجر بها نفعا ولا تدفع ضررا بخلاف الولادة، فإنه يتعلق بها حق النفقة والإرث، وسقوط القصاص وغيرها، وتخالف شهادة الحاكم والقسام، فإن فعلهما مقصود، وفعل المرضعة غير مقصود، وإنما المعتبر وصول اللبن إلى الجوف، ولأن الشهادة بالحكم والقسمة تتضمن تزكية النفس.