قوم ينتقلون شتاء أو صيفا، فإن ارتحلوا جميعا ارتحلت معهم للضرورة، وإن ارتحل بعضهم، نظر، إن كان أهلها ممن لم يرتحل وفي المقيمين قوة وعدد، فليس لها الارتحال. وإن ارتحل أهلها وفي الباقين قوة وعدد، فوجهان، أحدهما: ليس لها الارتحال، بل تعتد هناك لتيسره، وأصحهما: تتخير بين أن تقيم وبين أن ترتحل، لأن مفارقة الأهل عسرة موحشة. ولو هرب أهلها خوفا من عدو ولم ينتقلوا، ولم تخف هي، لم يجز لها الارتحال، لأن المرتحلين يعودون إذا أمنوا، ولو ارتحلت حيث يجوز الارتحال، ثم أرادت الإقامة في قرية في الطريق والاعتداد فيها، جاز، لأنه أليق بحال المعتدة من السير.
فرع طلقها أو ماتت وهي في سفينة، فإن ركبتها مسافرة، فحكم السفر ما سبق، وإن كان الزوج ملاحا ولا منزل له سوى السفينة، فإن كانت سفينة كبيرة فيها بيوت متميزة المرافق، اعتدت في بيت منها معتزلة عن الزوج، وسكن الزوج بيتا آخر، وإن كانت صغيرة، نظر، إن كان معها محرم لها يمكن أن يعالج السفينة، خرج الزوج، واعتدت هي فيها، وإلا فتخرج هي وتعتد في أقرب المواضع إلى الشط، وإذا تعذر خروجه وخروجها، فعليها أن تستتر وتبعد منه بقدر الامكان، هكذا ذكره صاحب الشامل والتهذيب وغيرهما، وفيه إشعار بأنه لا يجوز لها الخروج من السفينة إذا أمكن الاعتداد فيها، وقد صرح به آخرون، ونقل الروياني في كتبه، أنها تتخير بين أن تعتد في السفينة، وبين أن تخرج فتعتد خارجها. فإن اختارت السفينة، نظرنا حينئذ، هل هي صغيرة أم كبيرة؟ وراعينا التفصيل المذكور، وذكر فيما إذا اختارت الخروج، وجهين أصحهما وبه قال الماسرجسي:
تعتد في أقرب القرى إلى الشط. والثاني وبه قال أبو إسحاق: تعتد حيث شاءت.
فرع إذا خرجت الزوجة إلى غير الدار المألوفة، أو غير البلد المألوف، ثم طلقها واختلفا، فقالت: أذنت لي في الانتقال فاعتد في المنزل الثاني، وقال: إنما