وأما احتمال كونه أراد على دين قوم لوط (ص)، فلا يفهمه العوام أصلا، ولا يسبق إلى فهم غيرهم، فالصواب الجزم بأنه صريح، وبه جزم صاحب التنبيه، ولو كان المعروف في المذهب أنه كناية. والله أعلم.
الثالثة: قال: أتيت بهيمة، وقلنا: يوجب الحد، فهو قذف.
أما الكناية، فكقوله للقرشي: يا نبطي، وللرجل: يا فاجر، يا فاسق، يا خبيث، وللمرأة: يا خبيثة، يا شبقة، وأنت تحبين الخلوة، وفلانة لا ترد يد لامس وشبهها، فإن أراد النسبة إلى الزنا، فقذف، وإلا فلا، وإذا أنكر الإرادة، صدق بيمينه، وإذا عرضت عليه اليمين، فليس له الحلف كاذبا دفعا للحد، أو تحرزا عن تمام الايذاء.
ولو خلى ولم يحلف، فالمحكي عن الأصحاب، أنه يلزمه الاظهار ليستوفى منه الحد، وتبرأ ذمته، كمن قتل رجلا في خفية، يجب عليه إظهاره ليقتص منه، أو يعفى عنه. وعلى هذا يجب عليه الحد فيما بينه وبين الله تعالى، وفيه احتمال للامام، ومال إليه الغزالي أنه لا يجب الاظهار، لأنه إيذاء، فيبعد إيجابه، وعلى هذا لا يحكم بوجوب الحد ما لم يوجد الايذاء التام، والأول أصح.
ولو قال لزوجته: لم أجدك عذراء، أو وجدت معك رجلا، فليس بصريح على المشهور. وحكي عن القديم أنه صريح، ولو قاله لأجنبية، فليس بصريح قطعا، لأنه قد يريد زوجها. ولو قال: زنيت مع فلان، فصريح في حقها دونه.
وأما التعريض، فكقوله: يا ابن الحلال، وأما أنا فلست بزان، وأمي ليست بزانية، وما أحسن اسمك في الجيران وشبهها، فهذا كله ليس بقذف وإن نواه، لأن النية إنما تؤثر إذا احتمل اللفظ المنوي، ولا دلالة له هنا في اللفظ، ولا احتمال،