قال وكذلك كلما أحوج إلى تقييد الملفوظ به بقيد زائد. والصحيح الموجود في كتب الأصحاب، أنه لا يدين في قوله: أردت إن شاء الله تعالى، ويدين في قوله: أردت عن وثاق، أو أن دخلت الدار أو إن شاء زيد. وفرقوا بين قوله: أردت إن شاء الله تعالى، وبين سائر الصور بأن التعليق بمشيئة الله تعالى يرفع حكم الطلاق جملة، فلا بد فيه من اللفظ والتعليق بالدخول، ومشيئة زيد، لا يرفعه، لكن يخصصه بحال دون حال. وقوله: من وثاق، تأويل وصرف للفظ من معنى إلى معنى، فكيف فيه النية، وإن كانت ضعيفة، وشبهوه بالنسخ، لما كان رفعا للحكم، لم يجز إلا باللفظ، والتخصيص يجوز بالقياس.
وأما إذا أتى بلفظ عام، وقال: أردت بعض الافراد الداخلة تحته، ففيه تفصيل، فإن قلنا: كل امرأة لي، فهي طالق، وعزل بعضهن بالنية، لم يقبل ظاهرا عند الأكثرين، وقال ابن الوكيل وغيره: يقبل ظاهرا سواء كانت قرينة تصدقه - بأن خاصمته، وقالت: تزوجت علي، فقال: كل امرأة لي طالق، ثم قال: أردت غير المخاصمة -. أم لم تكن قرينة. والأصح عند القفال والمعتبرين، أنه لا يقبل ظاهرا بغير قرينة ويقبل بها، واختاره الروياني، وعن القاضي حسين، أنه إن قال: كل امرأة لي طالق، عزل بعضهن بالنية، لا يقبل، وإن قال: نسائي طوالق، وقال: عزلت واحدة، قبل. وعلى هذا، لو عزل اثنتين، ففي القبول وجهان، ويجري الخلاف في القبول ظاهرا فيما لو قال: إن أكلت خبزا أو تمرا، فأنت طالق، ثم فسر بنوع خاص، وطردهما الغزالي وغيره فيما إذا كان يحل وثاقا عنها، فقال: أنت طالق، ثم قال: أردت الاطلاق عن الوثاق، وقال: الأصح بالقبول.
ولو قال: إن كلمت زيدا، فأنت طالق، ثم قال: أردت التكليم شهرا، فيقبل. كذا حكي عن نص الشافعي رحمه الله، والمراد على ما نقل الغزالي، القبول باطنا فلا تطلق إذا كلم بعد شهر.