كان ذلك كالاستفاضة مع الرؤية مرة، وكذا لو رآها معه تحت شعار على هيئة منكرة، وتابعه على هذا الغزالي وغيره. ثم ما لم يكن هناك ولد، لا يجب على الزوج القذف، بل يجوز أن يستر عليها ويفارقها بغير اللعان إن شاء، ولو أمسكها لم يحرم.
قلت: قال أصحابنا: إذا لم يكن ولد، فالأولى أن لا يلاعن، بل يطلقها إن كرهها. والله أعلم.
وإن كان هناك ولد يتيقن أنه ليس منه، وجب عليه نفيه باللعان، هكذا قطع به الأصحاب، وفيه وجه حكاه الروياني عن جماعة أنه لا يجب النفي، والصحيح الأول. قال البغوي وغيره: فإن تيقن مع ذلك أنها زنت، قذفها ولاعن، وإلا فلا يقذفها، لجواز أن يكون الولد من زوج قبله، أو من وطئ شبهة. قال الأئمة: وإنما يحصل اليقين إذا لم يطأها أصلا، أو وطئها وأتت بولد لأكثر من أربع سنين من وقت الوطئ، أو لأقل من ستة أشهر. ولو وطئها وأتت بولد لأكثر من ستة أشهر، ولدون أربع سنين، فإن لم يستبرئها بحيضة، أو استبرأها فأتت بولد لدون ستة أشهر من وقت الاستبراء، لم يحل له النفي، ولا اعتبار بريبة يجدها في نفسه، أو شبهة تخيل له فسادا، وإن استبرأها وأتت به لأكثر من ستة أشهر من الاستبراء، فثلاثة أوجه.
أحدها: يجوز النفي، لأن الاستبراء أمارة ظاهرة على أنه ليس منه، والمستحب أن لا ينفيه، لأن الحامل قد ترى الدم. والثاني: إن رأى بعد الاستبراء القرينة المبيحة للقذف، جاز النفي، بل لزمه، وإن لم ير شيئا، لم يجز. والثالث: يجوز النفي، سواء وجدت قرينة وأمارة، أم لا، ولا يجب بحال للاحتمال. وأصح هذه الأوجه الثاني، صححه الغزالي، وبه قطع العراقيون، وبالأول قطع البغوي.
قلت: جعل الرافعي الأوجه فيما إذا أتت بالولد لأكثر من ستة أشهر من وقت الاستبراء، وكذا فعل القاضي حسين، والامام، والبغوي، والمتولي. والصحيح ما قاله المحاملي وصاحبا المهذب والعدة وآخرون أن الاعتبار في ستة الأشهر