ونمضي الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عمر في غير ما جاء فيه نص خبر عن عمر؟ قال نعم قلنا ولا يختلفان عندك؟ قال لا قلنا ويدلك خصوصه حكما يخرج من جملة قوله أن جملة قوله ليست على كل شئ؟ قال نعم وقلت له فالذي احتججت به رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن عمر في نقل الأيمان عن مواضعها التي ابتدئت فيها أثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله (البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه) والذي احتججت به عن عمر أثبت عنه من قولك في القسامة عنه فكيف جعلت الرواية الضعيفة عن عمر حجة على ما زعمت من عموم السنة التي تخالفه ومن عموم قوله الذي يخالفه وعبت على أن قلت بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رد اليمين واستدللت بها على أن قول النبي صلى الله عليه وسلم (البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه خاص فأمضيت سنته برد اليمين على ما جاءت فيه وسنته في البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه ولم يكن في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم واليمين على المدعى عليه بيان أن النكول كالاقرار إذا لم يكن مع النكول شئ يصدقه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وهو يخالف البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه بكثير قد كتبنا ذلك في اليمين مع الشاهد وكتاب الدعوى والبينات واكتفينا بالذي حكينا في هذا الكتاب، وقلت له فكيف تزعم أن النكول يقوم مقام الاقرار فإن ادعيت حقا على رجل كثيرا وقلت فقأ عين غلامي أو قطع يده أو رجله فلم يحلف قضيت عليه بالحق والجراح كلها فإن ادعيت أنه قتله قلت القياس إذا لم يحلف أن يقتل ولكن أستحسن فأحبسه حتى يقر فيقتل أو يحلف فيبرأ وقال صاحبك بل أجعل عليه الدية ولا أحبسه وأحلتما جميعا في العمد وهو عندكما لا دية فيه فقال أحدكما هو حكم الخطأ وقال الآخر أحبسه وخالفتما أصل قولكما إن النكول يقوم مقام الاقرار فكيف زعمتم أنكم إن لاعنتم بين زوجين فالتعن الزوج وأبت المرأة تلتعن حبستموها ولم تحدوها والقرآن يدل على إيجاب الحد عليها لأن الله عز وجل يقول (ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله) فبين والله تعالى أعلم أن العذاب لازم لها إذا التعن الزوج إلا أن تشهد ونحن نقول تحد إن لم تلتعن وخالفتم أصل مذهبكم فيه فقال فكيف لم تجعلوا النكول يحق الحق للمدعي على المدعى عليه وجعلتم يمين المدعى يحقه عليه؟
فقلت له حكم الله فيمن رمى امرأة بزنا أن يأتي بأربعة شهداء أو يحد فجعل شهود الزنا أربعة وحكم بين الزوجين أن يلتعن الزوج ثم يبرأ من الحد ويلزم المرأة الحد إلا بأن تحلف فإن حلفت برئت وإن نكلت لزمها ما نكلت عنه وليس بنكولها فقط لزمها ولكن بنكولها مع يمينه فلما اجتمع النكول ويمين الزوج لزمها الحد ووجدنا السنة والخبر برد اليمين فقلنا إذا لم يحلف من عليه مبتدأ اليمين رددناها على الذي يخالفه فإن حلف فاجتمع أن نكل من ادعى عليه وحلف هو أخذ حقه وإن لم يحلف لم يأخذ حقه لأن النكول ليس بإقرار ولم نجد السنة ولا الأثر بالنكول فقط إقرارا ووجدنا حكم القرآن كما وصفت من أن يقام الحد على المرأة إذا نكلت وحلف الزوج لا إذا نكلت فقط اتباعا وقياسا، بل وجدتها لا يختلف الناس في أن لا حد عليها إلا ببينة تقوم أو اعتراف وأن لو عرضت عليها اليمين فلم تلتعن لم تحد بترك اليمين وإذا حلف الزوج قبلها ثم لم تحلف فاجتمعت يمين الزوج المدافع عن نفسه الحد والولد الذي هو خصم يلزمه دون الأجنبي ونكولها عما ألزمها التعانه وهو يمينه حدت بالدلالة لقول الله عز وجل (ويدرأ عنها العذاب).