بعد مضى الأربعة الأشهر. قال: فلم قلت إن فاء في الأربعة الأشهر فهو فائئ قلت أرأيت لو كان علي دين إلى أجل فعجلته قبل محله ألم أكن محسنا ويكون قاضيا عنى؟ قال بلى: قلت فكذلك الرجل يفئ في الأربعة الأشهر فهو معجل ماله فيه مهل قال فلسنا نحاجك في هذا ولكنا اتبعنا فيه قول عبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود. قلنا أما ابن عباس فإنك تخالفه في الايلاء قال ومن أين؟
قلت أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي يحيى الأعرج عن ابن عباس أنه قال المولى الذي يحلف أن لا يقرب امرأته أبدا وأنت تقول المولى من حلف على أربعة أشهر فصاعدا فأما ما رويت منه عن ابن مسعود فمرسل وحديث علي بن بذيمة لا يسنده غيره علمته ولو كان هذا ثابتا عنه فكنت إنما بقوله اعتللت لكان بضعة عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى أن يؤخذ بقولهم من واحد أو اثنين قال فمن أين لكم بضعة عشر؟ قلنا أخبرنا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار قال: أدركت بضعة عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يوقف المولى (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وأقل بضعة عشر أن يكونوا ثلاثة عشر وهو يقول من الأنصار وعثمان ابن عفان وعلي وعائشة وابن عمر وزيد بن ثابت وغيرهم كلهم يقول يوقف المولى فإن كنت ذهبت إلى الكثرة فمن قال يوقف أكثر وظاهر القرآن معهم وقد قال عز وجل (والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا) إلى قوله (ستين مسكينا) وقلنا لا يجزيه إلا رقبة مؤمنة ولا يجزيه إلا أن يطعم ستين مسكينا والاطعام قبل أن يتماسا فقال بجزية رقبة غير مؤمنة فقلت له أذهبت في هذا القول إلى خبر عن أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال لا، ولكن إذا سكت الله عن ذكر المؤمنة في العتق فقال رقبة ولم يقل مؤمنة كما قال في القتل دل ذلك على أنه لو أراد المؤمنة ذكرها قلت له أو ما يكتفى إذا ذكر الله عز وجل الكفارة في العتق في موضع فقال (رقبة مؤمنة) ثم ذكر كفارة مثلها فقال رقبة بأن تعلم أن الكفارة لا تكون إلا مؤمنة فقال هل تجد شيئا يدلك على هذا؟ قلت نعم: قال وأين هو؟ قلت قول الله عز وجل (وأشهدوا ذوي عدل منكم) وقوله (حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم) فشرط العدل في هاتين الآيتين وقال (وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد) وقال في القاذف (لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء) وقال (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت) لم يذكر ههنا عدلا (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: قلت له أرأيت لو قال لك قائل أجز في البيع والقذف وشهود الزنا غير العدل كما قلت في العتق لأني لم أجد في التنزيل شرط العدل كما وجدته في غير هذه الأحكام قال ليس ذلك له قد يكتفى بقول الله عز وجل (ذوي عدل منكم) فإذا ذكر الشهود فلا يقبلون إلا ذوي عدل وإن سكت عن ذكر العدل فاجتماعهما في أنهما شهادة يدل على أن لا يقبل فيها إلا العدل قلت هذا كما قلت فلم لم تقل بهذا؟ فتقول. إذا ذكر الله رقبة في الكفارة فقال مؤمنة ثم ذكر رقبة أخرى في الكفارة فهي مؤمنة لأنهما مجتمعان في أنهما كفارتان فإن لم يكن لنا عليك بهذا حجة فليست على أحد لو خالفه فقال الشهود في البيع والقذف والزنا يقبلون غير عدول (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإنما رأينا فرض الله عز وجل على المسلمين في أموالهم مدفوعا إلى مسلمين فكيف يخرج رجل من ماله فرضا عليه فيعتق به ذميا وقلنا له زعمت أن رجلا لو كفر بإطعام فأطعم مسكينا عشرين ومائة مد في أقل من ستين يوما لم يجزه وإن أطعمه إياه في ستين يوما أجزأه أما يدلك فرض الله عز ذكره بإطعام ستين مسكينا على أن كل واحد منهم غير الآخر وإنما أوجبه الله تعالى لستين متفرقين فكيف قلت يجزيه أن يطعمه مسكينا يفرقه عليه في ستين