ولا إجماع يدل منه على ما وصفت من بعض المعاني دون بعض فهو على ظهوره وعمومه لا يخص منه شئ دون شئ. وما اختلف فيه بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخذنا منه بأشبهه بظاهر التنزيل، وقولك فيما فيه سنة هو خلاف القرآن جهل بين عند أهل العلم وأنت تخالف قولك فيه. قال وأين قلنا فيما بينا وفيما سنبين إن شاء الله تعالى، قلت قال الله عز وجل (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح. بإحسان) وقال (المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) إلى قوله (إصلاحا) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: فظاهر هاتين الآيتين يدل على أن كل مطلق فله الرجعة على امرأته ما لم تنقض العدة لأن الآيتين في كل مطلق عامة لا خاصة على بعض المطلقين دون بعض، وكذلك قلنا كل طلاق ابتدأه الزوج فهو يملك فيه الرجعة في العدة فإن قال لامرأته أنت طالق ملك الرجعة في العدة وإن قال لها أنت خلية أو برية أو بائن ولم يرد طلاقا فليس بطلاق وإن أراد الطلاق وأراد به واحدة فهو طلاق فيه الرجعة، وكذلك إن قال أنت طالق البتة لم ينو إلا واحدة فهي واحدة ويملك الرجعة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: قلت لبعض من يخالفنا أليس هكذا تقول في الرجل يقول لامرأته أنت طالق؟ قال بلى وتقول في الخلية والبرية والبتة والبائنة ليست بالطلاق إلا أن يريد طلاقا؟
قال نعم قلت وإذا قال طالق لزمه الطلاق وإن لم يرد به طلاقا؟ قال نعم قلت فهذا أشد من قوله أنت خلية أو برية لأن هذا قد يكون غير طلاق عندك ولا يكون طلاقا إلا بإرادته الطلاق فإذا أراد الطلاق كان طالقا قال نعم قلت فلم زعمت أنه إن أراد بهذا طلاقا لم يكن يملك الرجعة وهذا أضعف عندك من الطلاق لأنه قياس على طلاق فالطلاق القوي يملك الرجعة فيه عندك والضعيف لا يملك فيه الرجعة (قال) فقد روينا بعض قولنا هذا عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وجعلنا ما بقي قياسا عليه قلت فنحن قد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جعل البتة واحدة يملك فيه الرجعة حين حلف صاحبها أنه لم يرد إلا واحدة وروينا مثل ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ومعنا ظاهر القرآن فكيف تركته؟ وقلت له: قال الله عز وجل (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر) إلى قوله (سميع عليم) قلنا فظاهر كتاب الله تعالى يدل على معنيين. أحدهما: أن له أربعة أشهر ومن كانت له أربعة أشهر أجلا له فلا سبيل عليه فيها حتى تنقضي كما لو أحلتني أربعة أشهر لم يكن لك أخذ حقك مني حتى تنقض الأربعة الأشهر فدل على أن عليه إذا مضت الأربعة الأشهر واحدا من الحكمين إما أن يفئ وإما أن يطلق فقلنا بهذا وقلنا لا يلزمه طلاق يمضى أربعة أشهر حتى يحدث فيه طلاقا فزعمتم أنه إذا مضت الأربعة الأشهر فهي تطليقة بائنة فلم قلتم هذا وزعمتم أنه لا فيئة له إلا في الأربعة الأشهر (1) فما نقصتموه مما جعل الله له من الأربعة الأشهر قدر الفيئة ولم زعمتم أن الفيئة له فيما بين أن يولى إلى أن تنقضي الأربعة الأشهر وليس عليه عزيمة الطلاق إلا في الأربعة الأشهر وقد ذكرهما الله عز وجل معا لا فصل بينهما ولم زعمتم أن الفيئة لا تكون إلا بشئ يحدثه من جماع أو فئ بلسان إن لم يقدر على الجماع وأن عزيمة الطلاق هي مضى الأربعة الأشهر لا شئ يحدثه هو بلسان ولا فعل أرأيت الايلاء طلاق هو؟ قال لا، قلت أفرأيت كلاما قط ليس بطلاق جاءت عليه مدة فجعلته طلاقا قال فلم قلت أنت يكون طلاقا؟ قلت ما قلت يكون طلاقا إنما قلت إن كتاب الله عز وجل يدل أنه إذا آلى فمضت الأربعة الأشهر على أن عليه إما أن يفئ وإما أن يطلق وكلاهما شئ يحدثه