لا قيام مبدأ الاشتقاق لأن مفهوم المشتق كالكاتب والأبيض أمر بسيط يعبر عنه ب دبير و (سفيد) فكون الشيء موجودا عبارة عن اتحاده مع مفهوم الموجود لا قيام الوجود به قياما حقيقيا أو انتزاعيا ولا يحتاج إلى وجود أصلا.
(72) فالواجب عند هذا القائل عين مفهوم الموجود لا عين الوجود.
وكذا الممكن الموجود. وكذا في جميع الاتصافات بالمفهومات. والفرق بين الذاتي والعرضي من المشتق عنده ليس بكون الاتحاد في الوجود الذي هو مناط الحمل عندنا في الذاتيات بالذات وفي العرضيات بالعرض إذ لا وجود عنده بل بأن المفهوم الذاتي هو الذي يقع في جواب ما هو والعرضي هو الذي لم يقع فيه. وهذا كله من التعسفات.
(73) إشراق حكمي. وجود كل ممكن عين ماهيته خارجا ومتحد بها نحوا من الاتحاد. وذلك لأنه لما ثبت وتحقق مما بينا أن الوجود الحقيقي الذي هو مبدأ الآثار ومنشأ الأحكام وبه تكون الماهية موجودة وبه يطرد العدم عنها أمر عيني. فلو لم يكن وجود كل ماهية عينها ومتحدا بها فلا يخلو: إما أن يكون جزءا منها أو زائدا عليها عارضا لها. وكلاهما باطلان لأن وجود الجزء قبل وجود الكل ووجود الصفة بعد وجود الموصوف. فتكون الماهية حاصلة الوجود قبل نفسها ويكون الوجود متقدما على نفسه. وكلاهما ممتنعان.
ويلزم أيضا تكرير نحو وجود شيء واحد من جهة واحدة أو التسلسل في المترتبات المجتمعة من أفراد الوجود. وهذا التسلسل مع استحالته بالبراهين واستلزامه لانحصار ما لا يتناهى بين حاصرين أي الوجود والماهية يستلزم المدعى بالخلف وهو كون الوجود عين الماهية في الخارج لأن قيام جميع الوجودات بحيث لا يشذ عنها وجود عارض يستلزم وجودا لها غير عارض وإلا لم يكن المفروض جميعا جميعا بل بعضا من الجميع.