مخلوطة غير موصوفة. فالتعرية باعتبار والخلط باعتبار آخر. وليست حيثية أحد الاعتبارين غير حيثية الاعتبار الآخر ليعود الإشكال جذعا من أن الاعتبار الذي به تتصف الماهية بالوجود لا بد فيه أيضا من مقارنته للوجود. فتنفسخ ضابطة الفرعية وذلك لأن هذا التجريد عن كافة الوجود هو بعينه نحو من الوجود لا أنه شيء آخر غيره. فهو وجود وتجريد عن الوجود كما أن للهيولي الأولى قوة الجواهر الصورية وغيرها ونفس هذه القوة حاصلة لها بالفعل ولا حاجة لها إلى قوة أخرى لفعلية هذه القوة. ففعليتها قوتها للأشياء الكثيرة كما أن ثبات الحركة عين تجددها ووحدة العدد عين كثرته. فانظر إلى سريان نور الوجود ونفوذ حكمه في جميع المعاني بجميع الاعتبارات والحيثيات حتى أن تجريد الماهية عن الوجود أيضا متفرع على وجودها.
(80) تنبيه. وليعلم أن ما ذكرنا تتميم لكلام القوم على ما يوافق مذاقهم ويلائم مسلكهم في اعتبارية الوجود. وأما نحن فلا نحتاج إلى هذا التعمق لما قررنا أن الوجود نفس الماهية عينا. وأيضا الوجود نفس ثبوت الشيء لا ثبوت شيء له. فلا مجال للتفريع هاهنا.
فكان إطلاق الاتصاف على الارتباط الذي بين الماهية ووجودها من باب التوسع والتجوز لأن الارتباط بينهما اتحادي لا كالارتباط بين المعروض وعارضه والموصوف وصفته بل من قبيل اتصاف الجنس بفصله في النوع البسيط عند تحليل العقل إياه إليهما من حيث هما جنس وفصل لا من حيث هما مادة وصورة عقليتين.