المشعر السادس في أن تخصيص أفراد الوجود وهوياتها بماذا على سبيل الإجمال (81) اعلم أنك قد علمت أن الوجود حقيقة عينية بسيطة لا أنه كلي طبيعي يعرض لها في الذهن أحد الكليات الخمسة المنطقية إلا من جهة الماهية المتحدة بها إذا أخذت من حيث هي هي. فإذن نقول: تخصيص كل فرد من الوجود إما بنفس حقيقته كالوجود التام الواجبي جل مجده وأما بمرتبة من التقدم والتأخر والكمال والنقص كالمبدعات أو بأمور لاحقة كأفراد الكائنات.
(82) وقيل تخصيص كل وجود بإضافته إلى موضوعه وإلى سببه لا أن الإضافة لحقته من خارج فإن الوجود عرض وكل عرض متقوم بوجوده في موضوعه وكذلك حال وجود كل ماهية بإضافته إلى تلك الماهية لا كما يكون الشيء في المكان أو في الزمان فإن كونه في نفسه غير كونه في المكان أو في الزمان. وهذا الكلام لا يخلو عن مساهلة إذ قياس نسبة الوجود إلى الماهية بنسبة العرض إلى الموضوع فاسد كما مر من أنه لا قوام للماهية مجردة عن الوجود وأن الوجود ليس إلا كون الشيء لا كون شيء لشيء كالعرض لموضوعه أو كالصورة لمادتها. ووجود العرض في نفسه وإن كان عين وجوده لموضوعه لكن ليس بعينه وجود موضوعه بخلاف الوجود فإنه نفس وجود الماهية فيما له ماهية. فكما أن الفرق حاصل بين كون الشيء في المكان وفي الزمان وبين كون العرض في الموضوع كما ظهر من كلامه بأن كون الشيء في أحدهما غير كونه في نفسه وكون العرض في الموضوع عين كونه في نفسه فكذا الفرق حاصل بين وجود العرض في