المشعر الأول في بيان أنه غني عن التعريف (5) أنية الوجود أجلى الأشياء حضورا وكشفا وماهيته أخفاها تصورا واكتناها ومفهومه أغنى الأشياء عن التعريف ظهورا ووضوحا وأعمها شمولا. وهويته أخص الخواص تعينا وتشخصا إذ به يتشخص كل متشخص ويتحصل كل متحصل ويتعين كل متعين ومتخصص وهو متشخص بذاته ومتعين بنفسه كما ستعلم.
(6) وأما أنه لا يمكن تعريفه فلأن التعريف إما أن يكون بحد أو برسم. ولا يمكن تعريفه بالحد حيث لا جنس له ولا فصل له فلا حد له. ولا بالرسم إذ لا يمكن إدراكه بما هو أظهر منه وأشهر ولا بصورة مساوية له.
(7) فمن رام تعريفه فقد أخطأ إذ قد عرفه بما هو أخفى منه. اللهم إلا أن يريد تنبيها وإخطارا بالبال وبالجملة تعريفا لفظيا.
(8) ولأني أقول إن تصور الشيء مطلقا عبارة عن حصول معناه في النفس مطابقا لما في العين. وهذا يجري في ما عدا الوجود من المعاني والماهيات الكلية التي توجد تارة بوجود عيني أصيل وتارة بوجود ذهني ظلي مع انحفاظ ذاتها في كلا الوجودين وليس للوجود وجود آخر يتبدل عليه مع انحفاظ معناه خارجا وذهنا.
(9) فليس لكل حقيقة وجودية إلا نحو واحد من الحصول.
فليس للوجود وجود ذهني وما ليس له وجود ذهني فليس بكلي ولا جزئي ولا عام ولا خاص.