الموجودية على أن القائلين بأن الواجب عين الوجود لو علموا حقيقة الوجود وأنها عين ذاته تعالى المنزهة عن الماهية لعلموا أن كل موجود يجب أن يكون فعله مثل طبيعته وإن كان ناقصا عنه قاصرا درجته عن درجته فما كانت طبيعته بسيطة ففعله بسيط. وكذا فعل فعله. ففعل الله في كل شيء إفاضة الخير ونفخ روح الوجود والحياة.
(97) قول عرشي. إن للوجود مراتب ثلاث. الأولى: الوجود الذي لا يتعلق بغيره ولا يتقيد بقيد مخصوص وهو الحري بأن يكون مبدأ الكل. والثانية: الوجود المتعلق بغيره كالعقول والنفوس والطبائع والأجرام والمواد. والثالثة: الوجود المنبسط الذي شموله وانبساطه على هياكل الأعيان والماهيات ليس كشمول الطبائع الكلية والماهيات العقلية بل على وجه يعرفه العارفون ويسمونه بالنفس الرحماني اقتباسا من قوله تعالى ورحمتي وسعت كل شيء وهو الصادر الأول في الممكنات عن العلة الأولى بالحقيقة ويسمونه بالحق المخلوق به وهو أصل وجود العالم وحياته ونوره الساري في جميع ما في السماوات والأرضين. وهو في كل شيء بحسبه حتى إنه يكون في العقل عقلا وفي النفس نفسا وفي الطبع طبعا وفي الجسم جسما وفي الجوهر جوهرا وفي العرض عرضا. ونسبته إليه تعالى كنسبة النور المحسوس والضوء المنبث على أجرام السماوات والأرض إلى الشمس. وهو غير الوجود الإثباتي الرابطي الذي كسائر المفهومات الكلية والمفهومات العقلية لا يتعلق بها جعل الجاعل ولا تأثير ولها أيضا كالمعقولات المتأصلة وجود لكن وجودها نفس حصولها في الذهن.
وكذلك الحكم في مفهوم العدم واللا شيء واللا ممكن واللا مجعول بل لا فرق عندنا بين هذه المفهومات وغيرها في كونها ليست إلا حكايات وعنوانات لأمور إلا أن بعضها عنوان لحقيقة موجودة وبعضها عنوان لأمر باطل بالذات.