المشعر الرابع في أنه المبدأ والغاية في جميع الأشياء (108) الأصول الماضية دلت وقامت على أن واجب الوجود واحد بالذات لا تعدد له وأنه تام وفوق التمام. فالآن نقول إنه فياض على كل ما سواه بلا شركة في الإفاضة لأن ما سواه ممكنة الماهيات ناقصة الذوات متعلقة الوجودات بغيرها وكل ما يتعلق وجوده بغيره فهو مفتقر إليه مستتم به وذلك الغير مبدؤه وغايته.
فالممكنات كلها على تفاوتها وترتبها في الكمال والنقص فاقرة الذوات إليه مستغنية به. فهي في حدود أنفسها ممكنة واجبة بالأول الواجب تعالى بل باطلة هالكة بأنفسها حقة بالحق الواحد الأحد كل شيء هالك إلا وجهه. ونسبته إلى ما سواه كنسبة ضوء الشمس لو كان قائما بذاته إلى الأجسام المستضيئة منه المظلمة بحسب ذواتها.
وأنت إذا شاهدت إشراق الشمس على موضع وإنارته بنورها ثم حصل نور آخر من ذلك النور حكمت أن النور الثاني من الشمس وأسندته إليها وهكذا الثالث والرابع إلى أن ينتهي إلى أضعف الأنوار الحسية.
فعلى هذا المنوال وجودات الممكنات المتفاوتة في القرب والبعد من الواحد الحق والكل من عند الله.