كتاب المشاعر - صدر الدين محمد الشيرازي - الصفحة ٧٨
مرتبة وجوده عن البياض واللابياض قياس بلا جامع إذ قيام البياض ومقابله بالجسم فرع على وجوده وليس قيام الوجود بالماهية فرعا على وجودها إذ لا وجود لها إلا بالوجود.
(77) فالتحقيق في هذا المقام أن يقال بعد ما أشرنا إليه من أن عارض الماهية عبارة عن شيء يكون عين الماهية في الوجود وغيره في التحليل العقلي: أن للعقل أن يحلل الموجود إلى ماهية ووجود وفي هذا التحليل يجرد كلا منهما عن صاحبه ويحكم بتقدم أحدهما على الآخر واتصافه به: أما بحسب الخارج فالأصل والموجود هو الوجود لأنه الصادر عن الجاعل بالذات والماهية متحدة به محمولة عليه لا كحمل العرضيات اللاحقة بل حملها عليه واتحادها به بحسب نفس هويته وذاته وأما بحسب الذهن فالمتقدم هي الماهية لأنها مفهوم كلي ذهني يحصل بكنهها في الذهن ولا يحصل من الوجود إلا مفهومه العام الاعتباري. فالماهية هي الأصل في القضايا الذهنية لا الخارجية والتقدم هاهنا تقدم بالمعنى والماهية لا بالوجود. فهذا التقدم خارج عن الأقسام الخمسة المعروفة.
(78) فإن قلت: تجريد الماهية عن الوجود عند التحليل أيضا ضرب من الوجود لها في نفس الأمر فكيف تنحفظ قاعدة الفرعية في اتصافها بمطلق الوجود مع أن هذا التجريد من أنحاء مطلق الوجود قلنا: هذا التجريد وإن كان نحوا من مطلق الوجود فللعقل أن لا يلاحظ عند التجريد هذا التجريد وأنه نحو من الوجود فتتصف الماهية بالوجود المطلق الذي جردناها عنه. فهذه الملاحظة التي هي عبارة عن تخلية الماهية عن جميع الوجودات حتى عن هذه الملاحظة وعن هذه التخلية التي هي أيضا نحو من الوجود في الواقع من غير تعمل لها اعتباران: اعتبار كونها تجريدا وتعرية واعتبار كونها نحوا من الوجود.
(79) فالماهية بالاعتبار الأول موصوفة بالوجود وبالاعتبار الآخر
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المؤلف 51
2 الفاتحة في تحقيق مفهم لوجود وأحكامه وإثبات حقيقته وأحواله 55
3 المشعر الأول: في بيان أنه غني عن التعريف 57
4 المشعر الثاني: في كيفية شموله للأشياء 59
5 المشعر الثالث: في تحقيق الوجود عينا 60
6 المشعر الرابع: في دفع شكوك أوردت على عينية الوجود 68
7 المشعر الخامس: في كيفية اتصاف الماهية بالوجود 75
8 المشعر السادس: في أن تخصيص أفراد الوجود وهوياتها بماذا على سبيل الإجمال 80
9 المشعر السابع: في أن الأمر المجعول بالذات من الجاعل والفائض من العلة هو الوجود دون الماهية 84
10 المشعر الثامن: في كيفية الجعل والإفاضة وإثبات البارئ الأول وأن الجاعل الفياض واحد لا تعدد فيه ولا شريك له 90
11 المشعر الأول: في نسبة المجعول المبدع إلى الجاعل 90
12 المشعر الثاني: في مبدأ الموجودات وصفاته وآثاره 91
13 المنهج الأول: في وجوده تعالى ووحدته 93
14 المشعر الأول: في إثبات الواجب - جل ذكره - وفي أن سلسلة الوجودات المجعولة يجب أن تنتهي إلى واجب الوجود 95
15 المشعر الثاني: في أن واجب الوجود غير متناهي الشدة والقوة وأن ما سواه متناه محدود 96
16 المشعر الثالث: في توحيده تعالى 97
17 المشعر الرابع: في أنه المبدأ والغاية في جميع الأشياء 98
18 المشعر الخامس: في أن واجب الوجود تمام كل شئ 99
19 المشعر السادس: في أن واجب الوجود مرجع كل الأمور 100
20 المشعر الثامن: في أن الوجود بالحقيقة هو الواحد الحق تعالى وكل ما سواه بما هو مأخوذ بنفسه هالك دون وجهه الكريم 103
21 المنهج الثاني: في نبذ من أحوال صفاته تعالى 105
22 المشعر الثاني: في كيفية علمه تعالى بكل شئ على قاعدة مشرقية 108
23 المشعر الثالث: في الإشارة إلى سائر صفاته الكمالية 109
24 المشعر الرابع: في الإشارة إلى كلامه تعالى وكتابه 110
25 المنهج الثالث: في الإشارة إلى الصنع والإبداع 113
26 المشعر الأول: في فعله تعالى 116
27 المشعر الثالث: في حدوث العالم 120
28 خاتمة الرسالة 123