المشعر الرابع في الإشارة إلى كلامه تعالى وكتابه (121) كلامه تعالى ليس كما قالته الأشاعرة من أنه صفة نفسية هي معان قائمة بذاته لاستحالة كونه تعالى محلا لغيره. وليس أيضا عبارة عن خلق أصوات وحروف دالة وإلا لكان كل كلام كلام الله. وأيضا أمره وقوله سابق على كل كائن كما قال أيضا إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون بل هو عبارة عن إنشاء كلمات تامات وإنزال آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات في كسوة ألفاظ وعبارات. قال وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه.
وفي الحديث أعوذ بكلمات الله التامات كلها من شر ما خلق.
(122) والكلام النازل من عند الله هو كلام وكتاب من وجهين.
والكلام لكونه من عالم الأمر غير الكتاب لكونه من عالم الخلق.
والمتكلم من قام به الكلام قيام الموجود بالموجد. والكاتب من أوجد الكلام يعني الكتاب. ولكل منهما منازل ومراتب. فكل متكلم كاتب بوجه وكل كاتب متكلم بوجه. ومثاله في الشاهد أن الإنسان إذا تكلم بكلام فقد صدر عن نفسه في لوح صدره ومخارج حروفه صور وإشكال حرفية. فنفسه من أوجد الكلام فيكون كاتبا بقلم قدرته في ألواح صدره ومنازل صوته ومجاري نفسه بفتح الفاء وشخصه الجسماني ممن قام به الكلام فيكون متكلما. فاجعل ذلك مقياسا لما فوقه. والكلام قرآن وفرقان باعتبارين. والكلام لكونه من عالم الأمر منزله الصدور ولا يدركه إلا أولو الألباب بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم... وما يعقلها إلا العالمون. والكتاب لكونه من عالم الخلق منزله الألواح القدرية يدركه كل واحد لقوله تعالى وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة والكلام لا يمسه