المشعر السابع في أن الأمر المجعول بالذات من الجاعل والفائض من العلة هو الوجود دون الماهية وعليه شواهد الشاهد الأول (89) إنا نقول: ليس المجعول بالذات هو المسمى بالماهية كما ذهب أتباع الرواقيين كالشيخ المقتول ومن تبعه ومنهم العلامة الدواني ومن يحذو حذوه ولا صيرورة الماهية موجودة كما اشتهر من المشائين ولا مفهوم الموجود بما هو موجود كما يراه السيد المدقق بل الصادر بالذات والمجعول بنفسه في كل ما له جاعل هو نحو وجوده العيني جعلا بسيطا مقدسا عن كثرة تستدعي مجعولا ومجعولا إليه إذ لو كانت الماهية بحسب جوهرها مفتقرة إلى الجاعل لزم كونها متقومة به في حد نفسها ومعناها بأن يكون الجاعل معتبرا في قوام ذاتها بحيث لا يمكن تصورها بدونه. وليس كذلك.
(90) فإنا قد نتصور كثيرا من الماهيات بحدودها ولم نعلم أنها هل هي حاصلة بعد أم لا فضلا عن حصول جاعلها إذ لا دلالة لها على غيرها. ومن الماهيات الموجودة ما نتصورها ونأخذها من حيث هي هي مع قطع النظر عن ما سواها إذ هي بهذا الاعتبار ليست إلا نفسها. فلو كانت هي في حد نفسها مجعولة متقومة بالعلة مفتقرة إليها افتقارا قواميا لم يكن بحيث يمكن أخذها مجردة عن ما سواها ولا كونها مأخوذة من حيث هي هي كما لا يمكن ملاحظة معنى الشيء إلا مع أجزائه ومقوماته. فإذن أثر الجاعل