الموضوع وبين وجود الموضوع فإن الوجود في الأول غير وجود الموضوع وفي الثاني عينه.
(83) قال الشيخ الرئيس في التعليقات وجود الأعراض في أنفسها وجوداتها لموضوعاتها سوى أن العرض الذي هو الوجود لما كان مخالفا لها لحاجتها إلى الموضوع حتى يصير موجودا واستغنى الوجود عن الوجود حتى يكون موجودا لم يصح أن يقال إن وجوده في موضوعه هو وجوده في نفسه بمعنى أن للوجود وجودا كما يكون للبياض وجود بل بمعنى أن وجوده في موضوعه نفس وجود موضوعه وغيره من الأعراض وجوده في موضوعه وجود ذلك الغير.
(84) وقال أيضا في التعليقات فالوجود الذي في الجسم هو موجودية الجسم لا كحال البياض والجسم في كونه أبيض إذ لا يكفي فيه البياض والجسم.
(85) أقول: إن أكثر المتأخرين لم يقدروا على تحصيل المراد من هذه العبارة وأمثالها حيث حملوها على اعتبارية الوجود وأنه ليس أمرا عينيا وحرفوا الكلم عن مواضعها. وإنني قد كنت في سالف الزمان شديد الذب عن تأصل الماهيات واعتبارية الوجود حتى هداني ربي وأراني برهانه. فانكشف لي غاية الانكشاف أن الأمر فيها على عكس ما تصوروه وقرروه. فالحمد لله الذي أخرجني عن ظلمات الوهم بنور الفهم وأزاح عن قلبي سحب تلك الشكوك بطلوع شمس الحقيقة وثبتني على القول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة. فالوجودات حقائق متأصلة والماهيات هي الأعيان الثابتة التي ما شمت رائحة الوجود أصلا. وليست الوجودات إلا أشعة وأضواء للنور الحقيقي والوجود القيومي جلت كبرياؤه إلا أن لكل منها نعوتا ذاتية ومعان عقلية هي المسماة بالماهيات.
(86) توضيح فيه تنقيح. أما تخصيص الوجود بالواجبية فبنفس حقيقته