المشعر الرابع في دفع شكوك أوردت على عينية الوجود (38) إن للمحجوبين عن مشاهدة نور الوجود الفائض على كل ممكن موجود والجاحدين لأضواء شمس الحقيقة المنبسطة على كل ماهية إمكانية حجبا وهمية وحججا قوية كشفناها وأزحنا ظلمتها وفككنا عقدتها وحللنا إشكالها بإذن الله الحكيم وهي هذه:
(39) سؤال: إن الوجود لو كان حاصلا في الأعيان لكان موجودا فله أيضا وجود ولوجوده وجود آخر إلى غير النهاية.
(40) جواب: إنه إن أريد بالموجود ما يقوم به الوجود فهو ممتنع إذ لا شيء في العالم موجود بهذا المعنى لا الماهية ولا الوجود. أما الماهية فلما أشرنا إليه من أنه لا قيام للوجود بها. وأما الوجود فلامتناع أن يقوم الشيء بنفسه. واللازم باطل فكذا الملزوم.
بل نقول: إن أريد بالموجود هذا المعنى أي ما يقوم به الوجود يلزم أن يكون الوجود معدوما بهذا المعنى. فإن الشيء لا يقوم بنفسه كما أن البياض ليس بذي بياض. إنما الذي هو ذو بياض شيء آخر كالجسم أو المادة. وكونه معدوما بهذا المعنى لا يوجب اتصاف الشيء بنقيضه لأن نقيض الوجود هو العدم أو اللا وجود لا المعدوم أو اللا موجود. وقد اعتبرت في التناقض وحدة الحمل مواطاة أو اشتقاقا.
وإن أريد به المعنى البسيط المعبر عنه بالفارسية ب هست ومرادفاته فهو موجود وموجوديته هو كونه في الأعيان بنفسه وكونه موجودا هو بعينه كونه وجودا لا أن له أمرا زائدا على ذاته. والذي يكون لغيره منه يكون له في ذاته كما أن الكون في المكان وفي الزمان لهما بالذات ولغيرهما بواسطتهما وكما في التقدم والتأخر الزمانيين والمكانيين فإنهما لأجزائهما