المشعر الثاني في أن واجب الوجود غير متناهي الشدة والقوة وأن ما سواه متناه محدود (105) لما علمت أن الواجب تعالى محض حقيقة الوجود الذي لا يشوبه شيء غير الوجود فهذه الحقيقة لا يعتريها حد ولا نهاية إذ لو كان له حد ونهاية كان له تحدد وتخصص بغير طبيعة الوجود.
فيحتاج إلى سبب يحدده ويخصصه فلم يكن محض حقيقة الوجود.
فإذن ثبت أن واجب الوجود لا نهاية له ولا نقص يعتريه ولا قوة إمكانية فيه ولا ماهية له ولا يشوبه عموم ولا خصوص. فلا فصل له ولا تشخص له بغير ذاته ولا صورة له كما لا فاعل له ولا غاية له كما لا نهاية له بل هو صورة ذاته ومصور كل شيء لأنه كمال ذاته وكمال كل شيء لأن ذاته بالفعل من جميع الوجوه فلا معرف له ولا كاشف له إلا هو. ولا برهان عليه فشهد ذاته على ذاته وعلى وحدانية ذاته كما قال شهد الله أنه لا إله إلا هو. وسنشرح لك هذا.