كتاب المشاعر - صدر الدين محمد الشيرازي - الصفحة ٩٧
المشعر الثالث في توحيده تعالى (106) لما كان الواجب تعالى منتهى سلسلة الحاجات والتعلقات وهو غاية كل شيء وتمام كل حقيقة فليس وجوده متوقفا على شيء ولا متعلقا بشيء كما مر. فيكون بسيط الحقيقة من كل جهة. فذاته واجب الوجود من جميع الجهات كما أنه واجب الوجود بالذات وليست فيه جهة إمكانية ولا امتناعية وإلا لزم التركيب المستدعي للإمكان وهو ممتنع فيه تعالى.
(107) فإذا تقرر هذا فنقول: لو فرضنا في الوجود واجبين فيكون ما فرض ثانيا منفصل الذات عن الواجب تعالى لاستحالة أن يكون بين الواجبين علاقة ذاتية وإلا لزم معلولية أحدهما أو كليهما وهو خلاف الفرض. فلكل منهما إذن مرتبة من الكمال الوجودي ليس للآخر ولا مترشحا منه فائضا من عنده. فيكون كل منهما عادما لكمال وجودي وفاقدا لمرتبة وجودية. فلم تكن ذات الواجب محض حيثية الفعلية ووجوب الوجود بل مؤلفا من جهتين ومصداقا لوجود شيء وفقد شيء آخر كليهما من طبيعة الوجود بما هو وجود ومناطا لوجوب نحو من الوجود وإمكان نحو آخر منه أو امتناعه.
فلم يكن واجب الوجود من كل جهة وقد ثبت أن ما هو واجب الوجود بالذات يجب أن يكون واجب الوجود من جميع الجهات وهذا خلف. فواجب الوجود بالذات يجب أن يكون من فرط الفعلية وكمال التحصل جامعا لجميع النشآت الوجودية والأطوار الكونية والشؤون الكمالية. فلا مكافئ له في الوجود ولا مماثل ولا ند ولا ضد ولا شبه بل ذاته من كمال الفضيلة يجب أن تكون مستند جميع الكمالات وينبوع كل الخيرات. فيكون تاما وفوق التمام.
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 93 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المؤلف 51
2 الفاتحة في تحقيق مفهم لوجود وأحكامه وإثبات حقيقته وأحواله 55
3 المشعر الأول: في بيان أنه غني عن التعريف 57
4 المشعر الثاني: في كيفية شموله للأشياء 59
5 المشعر الثالث: في تحقيق الوجود عينا 60
6 المشعر الرابع: في دفع شكوك أوردت على عينية الوجود 68
7 المشعر الخامس: في كيفية اتصاف الماهية بالوجود 75
8 المشعر السادس: في أن تخصيص أفراد الوجود وهوياتها بماذا على سبيل الإجمال 80
9 المشعر السابع: في أن الأمر المجعول بالذات من الجاعل والفائض من العلة هو الوجود دون الماهية 84
10 المشعر الثامن: في كيفية الجعل والإفاضة وإثبات البارئ الأول وأن الجاعل الفياض واحد لا تعدد فيه ولا شريك له 90
11 المشعر الأول: في نسبة المجعول المبدع إلى الجاعل 90
12 المشعر الثاني: في مبدأ الموجودات وصفاته وآثاره 91
13 المنهج الأول: في وجوده تعالى ووحدته 93
14 المشعر الأول: في إثبات الواجب - جل ذكره - وفي أن سلسلة الوجودات المجعولة يجب أن تنتهي إلى واجب الوجود 95
15 المشعر الثاني: في أن واجب الوجود غير متناهي الشدة والقوة وأن ما سواه متناه محدود 96
16 المشعر الثالث: في توحيده تعالى 97
17 المشعر الرابع: في أنه المبدأ والغاية في جميع الأشياء 98
18 المشعر الخامس: في أن واجب الوجود تمام كل شئ 99
19 المشعر السادس: في أن واجب الوجود مرجع كل الأمور 100
20 المشعر الثامن: في أن الوجود بالحقيقة هو الواحد الحق تعالى وكل ما سواه بما هو مأخوذ بنفسه هالك دون وجهه الكريم 103
21 المنهج الثاني: في نبذ من أحوال صفاته تعالى 105
22 المشعر الثاني: في كيفية علمه تعالى بكل شئ على قاعدة مشرقية 108
23 المشعر الثالث: في الإشارة إلى سائر صفاته الكمالية 109
24 المشعر الرابع: في الإشارة إلى كلامه تعالى وكتابه 110
25 المنهج الثالث: في الإشارة إلى الصنع والإبداع 113
26 المشعر الأول: في فعله تعالى 116
27 المشعر الثالث: في حدوث العالم 120
28 خاتمة الرسالة 123