تذكرة أولى الألباب - الشيخ داود الأنطاكي - ج ٣ - الصفحة ٩
الأملاح والزرنيخ والزيابق وهى منه لما يشاهد في الغاسول والشعر والدم، ويمكن الجواب عنه بأن بساطة التراب مع أشعة الكواكب والرطوبات المائية كافية في التوليد. ثم بعد المعادن النبات كذا قال المعلم لأنه قوت الحيوان واتخاذه قبله من الحكمة لعدم بقائه بدونه وهذا حق لكن يمكن مناقشته لأنا نقول إن مجرد التراب البسيط لا ينبت دون أن يخالطه الأرواث كما قرر في الفلاحة فيجوز تقديم الحيوان وافتيات بعضه ببعض ويجوز أن يرد هذا بما سبق من المعادن. ثم الحيوان على اختلافه وقد وقع الاجماع على أن الانسان آخر المواليد إيجادا وأنه أشرفها وهى حدوده فلذلك أشبهها فمنه الجامد في الفطرة لكن إما صاف عديم الضرر كالياقوت ونحوه أو خبيث كالرصاص ومنه مر مع نفع كالصبر ومع ضرر كالدفلي وحلو كالعنب وحامض كالليمون، ومنه غادر كتوم كالجمل ومفترس كالأسد وخبيث كالقرد وخوان مع القدرة كالنمر ومع العجز كالأرنب ومتملق كالهرة وألوف كالكلب ونفور كالظبى ومنه ما يجذبه الكلام كالقرد والضرب كالدب والمقاود كالضبع وما تجلبه الشهوات كالحمار فهذه أخلاق يحتاج إليها الملك في سياسة المدن الجامعة ومنهم الانسان الخالص وهو الكائن بين نفس بحت شأنها التهذيب بالأخلاق والنظر في النواميس والسياسيات والعلوم الفاضلة طلبا للغايات التي من أجلها دخل هذا الهيكل وبين جسم بحت شأنه التنعيم بالشهوات الحيوانية من أكل ولبس ونكاح فان مال إلى الأول فهو الكامل المطلق كخواص الأنبياء ذوي النفوس القدسية أو إلى الثاني فهو الحيوان بالحقيقة أو أخذ من كل بنصيب فهو العدل المستقيم هذا كله بمجرد اختيار المختار في الأصح وقال بعضهم إنه بمقتضيات وقت التخلق والخروج وفى الحقيقة لا منافاة إذا جعلت الكواكب علامات على تحقيق ذلك عندنا.
* (تتمة) * إذا كان الانسان آخر ما وجد فكيف يكون أشرف لان المزاج بل مطلق الأشياء أصح ما تكون في أولها؟ ويمكن أن يقال إذا استحكم التمزيج وتعاقبت عليه المؤثرات كان أعدل فلذلك أخر حتى أحكم المزاج ولما سبق من إرادة الحكيم بخلقه لما ذكر بل جماع صورة العالم العلوي فيه من مخارج كالبروج وحواس كالكواكب وعروق كالدرج إلى غير ذلك.
* (خاتمة) * حيث تحقق المزاج فلا إشكال في سبق المواليد، وإنما الكلام في الثاني كيف كان فأقول إن مبدأ الأول التركيب كان مع عناية المبدع حيث أشرقت الكواكب على البقاع فسخن البعض بفعل الشمس وبرد البعض بنورية القمر ويبس وحمض باشراق زحل واحمر وصلح وقبض بالمريخ وحلا وأبيض بالمشترى وصفا بالزهرة وامتزج بعطارد ثم تعاقبت الطوارئ السفلية فتخلخلت الاغوار وخفت الجبال وتراكمت الأبخرة فكان الحر واليبس للكبريت وضده للزئبق فاجتمع شطر المدبر جذبا بقوة عاشق ومعشوق فائتلفت بمقتضى العقل بأن الأصلين إذا خلصا وختما بالأعظم ومدا بالقوة الصابغة فان فنيت رطوبتهما كانا نحو الياقوت وإلا الذهب وإن زاد الزئبق وانسلب الصبغ وخدم القمر فمع فناء الرطوبة يكون نحو الياقوت الأبيض وإلا الفضة أو صح الكبريت والصبغ وقل الزئبق وخدمت الزهرة فنحو المغناطيس والحديد أو فسدا معا وزاد الزئبق فالقلعي والكحل وإلا الاسرب والزبرجد (فهذه) حقيقة اختلافها ومنه تؤخذ الصناعة ورد المعادن الضعيفة إلى الصحيحة بضروب الحل والعقد والتكاليس كطب الأبدان هذا كله إذا كانت الافعال في مواقع السعود فان نظرت حالة الاحتراق كان الكائن بنحو السبخ والزاج أو وقت الوبال فنحو الشبات والزاجات وفى الفرق دقة يعرفها من أتقن الاحكام هذا حال نظرها إلى المكشوف وأما نظرها
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 صفة خواتم الملوك السبعة وبخوراتهم 4
3 حرف الياء 5
4 حرف الكاف 6
5 فصل في الحد والموضوع 7
6 فصل في أولها وهي العناصر 7
7 فصل في ثانيها وهو المزاج 8
8 حرف اللام 14
9 حرف الميم 16
10 فصل في العلامات الدالة على تغير المزاج 29
11 حرف النون 43
12 حرف السين 53
13 الفصل الأول في سبب انقسامها وانحصارها 53
14 فصل في النواميس وكيفية أعمالها 62
15 فصل في المحاريق وكيفية أعمالها 65
16 فصل في التعافين 65
17 فصل في المراقيد 67
18 فصل في عمل النيرنجيات 67
19 باب في الإخفاء 68
20 حرف العين 70
21 علم الحرف 89
22 في معرفة التصرفات بالأوفاق العددية واستخراج الأعوان العلوية 93
23 فصل في استخراج أسماء الملوك العلوية وأسماء الأعوان السفلية 94
24 علم منازل القمر وما يتعلق به والكواكب وما يتعلق بها وغير ذلك 101
25 فصل في أن الآدمي فيه شبه كل شيء من العالم السفلى والعلوي 104
26 فصل في ذكر ملحمة مباركة على الكواكب السبعة السيارة 106
27 فصل في الأوقاف السعيدة والأوقات النسخة وساعاتها 111
28 باب في ذكر التهاييج 113
29 حرف الفاء 127
30 حرف الصاد 138
31 حرف القاف 144
32 حرف الراء 147
33 باب فيه نكت وغرائب في ضرب المسائل لمن أراد سفرا أو غير ذلك 169
34 فصل في معنى الولد والبحث عنه ذكر هو أم أنثى 169
35 فصل في معرفة الضمير 169
36 فصل في الخصومة 169
37 فصل في السفر البحر 169
38 فصل في صفة سؤال المريض عن مرضه 170
39 باب المفردات والكلام عليها 170
40 فصل في إخراج الاسم 171
41 فصل في معرفة الوضع 172
42 حرف الشين المعجمة 172
43 حرف التاء المثناة 179
44 حرف الثاء المثلثة 181
45 حرف الخاء المعجمة 182
46 حرف الدال المعجمة 183
47 حرف الضاد المعجمة 183
48 حرف الظاء المعجمة 183
49 حرف الغين المعجمة 184
50 خاتمة في نكت وغرائب ولطائف وعجائب 185
51 فصل في كيفية هضم الغذاء وفساده 191
52 فصل في مقدار الماء الذي يشربه المهموم عند العطش 191
53 فصل في الفصد والاستفراغ والجذب ودوائها 191
54 فصل في المعاجلة بالدواء الواحد خير من المعاجلة بالمركب 192
55 فصل في كان حكماء اليونان إذا أشكل عليهم حال المريض خلوا بينه وبين الطبيعة 192
56 فصل إذا قال الأطباء كزرة يابسة فمرادهم حشيشتها لا بزرها وفوائد مختلفة 192
57 فصل في كيفية محبة الرجال والنساء 192
58 فصل في علاج من سقى المرتك 193
59 دعاء آخر السنة 196
60 فصل في التحييرات المجربة 197