العرش بما أراد الله سبحانه وتعالى أولا كما يتحرك القلب ثم تنزل تلك الإرادة إلى الكرسي الذي نسبته الدماغ ثم إلى السماوات التي هي نسبة الرأس ثم تنزل بها الملائكة الذين هم في النسبة كالحواس إلى الأرض التي هي كسائر الجسد فيكون ما أراد الله تعالى إظهاره من عالم الغيب إلى عالم الشهادة كائنا ما كان فدل ذلك على أسرار عظيمة أودعها الله سبحانه وتعالى في الذات النفسانية بالصور الانسانية التي هي أحسن صور المخلوقات وأشرف الاشخاص المصنوعات. ولما كانت الأعمال والوقائع تابعة للخير والشر وهما داخلان في الافعال وكل اثنين لابد بينهما من ثالث وهو الحالة الجامعة وجب كون الأدلة كذلك، ولما كانت البروج منه الثابت ومنها المنقلب كانت دائرة لا إله إلا الله منها الثابت ومنها المنقلب فالاثبات ثابت والنفي منقلب في الوجود الذي ليس من صفته العدم الذي هو منه وكل شئ في الدنيا متحرك في أدوار الدائرة الفلكية بالزيادة والنقصان كالحر والبرد والصيف والشتاء وانحصر كل ذلك بهذه الحروف المستديرة مع فلك القمر إذ هو أول العالم السفلى لقربه من وجود عالم الملك والشهادة ولذلك تظهر حركاته أسرع وتأثيراته أقرب كل ذلك يزيد بزيادة القمر وينقص بنقصه كما تزيد الكلمة باختلاف الحروف وتنقص باختلاف الحروف كذلك تتغير المعاني القائمة بالكلام، ولما كانت السبعة العلويات قد جعل الله فيها سر الاهتداء بقوله العظيم (وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر) ففيها سر جعل وهو نوع من القدرة لان من أسمائه الحسنى الجاعل قال تعالى (جاعل الملائكة رسلا) ففيها سر تصريفي في العالم الصغير في المرتين والبلغم والدم يزيد وينقص في تدوير الدوائر الطبيعيات وقوى هذه السبعة مأخوذ من قوى التقطيعات الباطنيات في لا إله إلا الله وهذا جدول حروف الطبائع:
فالنفس لها في الجسد أربعة أبواب لمواضعها ومجاريها تجرى فيه وتدور وهى الحافظة بأمر الله للجسد وإن أصاب هذه الأبواب شئ يؤذيها فسد سائر الجسد فان أمكنتها التي في الجوجه تنفتح منه خمسة أبواب لجريان قواها وقبول خاصيتها وهى السمع والبصر والشم والذوق واللمس وهذه الأبواب توصل للنفس ما غاب عنها في العالم السفلى وعلى كل باب قوة تفتحه وتغلقه بمشيئة الله تعالى وأمره. والثاني مكانها في الفؤاد وينفتح منه خمسة أبواب يخرج منها خمسة أشياء التمييز والنطق والتوسم في الشئ والتوهم والفكر. والثلث موضعها في الكبد وينفتح منه الأبواب التي يخرج منها الدم إلى سائر الجسد بأنواعه واختلاف تراكيب أجزائه وأعضائه. والرابع مكانها في الكليتين ومنه تنفتح الأبواب التي يكون النطفة الخارجة منها بسر إلهي وحكم رباني فهذه أمكنة الشمس في الجسد وهى أمكنة الحروف الحارة واليابسة. وأما القمر فله في الجسد مكانان وهما الجلد والرأس أعنى العظم، ولعطارد العروق والعصب، وللمريخ الدم والصفراء، ولزحل الشعر والأظفار، وللمشتري اعتدال الجسد وسلامته، وللزهرة النفس والصورة، وللاثنى عشر برجا مواضع: فالحمل له شعر الرأس، والثور له الجبهة، والجوزاء لها العينان، والسرطان له المنخران، والأسد له الفم واللسان، والسنبلة لها اللحية،