أنا شجرتها. ودوحة أنا ساقها. وإني من أحمد بمنزلة الضوء من الضوء... إن أمرنا صعب مستصعب. لا يعرف كنهه إلا ثلاثة: ملك مقرب. أو نبي مرسل.
أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان. فإذا انكشف لكم سر. أو وضح لكم أمر فاقبلوه. وإلا فاسكتوا تسلموا وردوا علمنا إلى الله. فإنكم في أوسع مما بين السماء والأرض " (1).
ودائرة الملك المقرب أو النبي المرسل. هي دائرة الوحي حيث يوجد النبي صلى الله عليه وسلم ودائرة العبد الذي امتحن الله قلبه للإيمان هي دائرة أهل البيت. والدائرة الأولى تعطي الثانية، حيث طهر على طهر ويقول ابن أبي الحديد: إعلم أن أمير المؤمنين كرم الله وجهه لو فخر بنفسه. وبالغ في تعديد مناقبه وفضائله بفصاحته التي آتاه الله تعالى إياها. واختصه بها، وساعده على ذلك فصحاء العرب كافة لم يبلغوا إلى معشار ما نطق به الرسول الصادق صلوات الله عليه في أمره. ولست أعني بذلك الأخبار العامة الشائعة التي يحتج بها الإمامية على إمامته كخبر الغدير والمنزلة وقصة براءة، وخبر المناجاة وقصة خيبر وخبر الدار بمكة في ابتداء الدعوة ونحو ذلك. بل الأخبار الخاصة التي رواها فيه أئمة الحديث التي لم يحصل أقل القليل منها لغيره " (2).
ومما سبق علمنا أن أهل الشام رفضوا كل نصيحة وشككوا في كل حقيقة، واستغلوا كل حادثة وكل حركة فشقوا طورا فيها. على أمل أن يصلوا إلى غايتهم حيث كرسي الحكم. وعلمنا كيف واجه الإمام هذا الإعلام وهذه المخططات.
وكيف أمر بالعلم وتدوينه نظرا لما سيترتب فيما بعد على هذه الأحداث. وما ترك الإمام دربا من الدروب إلا وأقام عليه الحجة وحدد الحركة فيه تحديدا دقيقا. ومما سبق يمكن بوضوح معرفة أي دائرة من الدوائر هي التي تقاتل لتكون كلمة الله هي العليا. وأبن يوجد لواء الضلالة والأمراء الذين سيتمنون يوم القيامة أن ذوائبهم كانت معلقة بالثريا. يتذبذبون بين السماء والأرض ولم يكونوا عملوا.