حجته (1). قبضه الله إليه فكان أبوك وفاروقه أول من ابتزه وخالفه. على ذلك اتفقا واتسقا. ثم دعواه إلى أنفسهما فأبطأ عنهما وتلكأ عليهما. فهما به الهجوم وأرادا به العظيم - فبايعهما وسلم لهما. لا يشركانه في أمرهما. ولا يطلعانه على سرهما حتى قبضا وانقضى أمرهما. ثم أقاما بعدهما ثالثهما عثمان بن عفان.
يهتدي بهديهما ويسير بسيرتهما. فعبته أنت وصاحبك حتى طمع فيه الأقاصي من أهل المعاصي. وبطنتما له وظهرتما وكشفتما له عداوتكما وغلكما حتى بلغتما منه مناكما. فخذ حذرك يا ابن أبي بكر فستري وبال أمرك. وقس شبرك بفترك كقصر عن أن تساوي أن توازي من يزن الجبال بحلمه. ولا تلين على قسر قناته.
ولا يدرك ذو مدى أناته. أبوك مهد له مهاده وبنى ملكه وشاده. فإن يكن ما نحن فيه صوابا فأبوك أولى. وإن يكن جورا فأبوك أسه ونحن شركاؤه. فبهديه أخذنا وبفعله اقتدينا ورأينا أباك فعل ما فعل فاحتذينا مثاله واقتدينا بفعاله. فعتب أباك بما بدا لك. أو دع. والسلام على من أناب ورجع من غوايته وناب " (2).
إن سياسة معاوية التي اعتمدها ليشكك بها في مناقب أمير المؤمنين علي.
لم تقف عند التشكيك والمتاجرة بحرب الجمل وإنما اندفعت نحو الخلافة لتسجل على أمير المؤمنين أي اعتراض يخدم القاسطين في بلوغ أهدافهم.
وعندما أدلى محمد بن أبي بكر بدلوه رغبة منه في الاصلاح. كانت رسالة معاوية التهديدية إليه. فمعنى الرسالة: أنك إذا تكلمت مس جذورك ما تقول. وما تقوله لن يبطل دم عثمان وستهتف الجماهير بالقصاص تكلمت أو صمت، ولن تجد الجماهير بديلا عن اختيار المسلمين لأنفسهم.
ولكن محمد بن أبي بكر تكلم بدليل أن خطابه وخطاب معاوية إليه بين أيدينا في أكثر من مصدر. ولقد ظهرت في الساحة قبل وبعد صفين أحاديث وأسئله حائرة. جاءت نتيجة لسياسة معاوية الإعلامية في هذا الباب. وما كان لهذه الأسئلة أن تطرح في هذا الوقت العصيب الذي يبحث فيه الإمام عن وحدة