خلفته. والشاهد عليك بذلك من يأوي ويلجأ إليك من بقية الأحزاب ورؤوس النفاق والشقاق لرسول الله صلى الله عليه وسلم. والشاهد لعلي مع فضله وسابقته القديمة أنصاره الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن. ففضلهم وأثنى عليهم من المهاجرين والأنصار. فهم معه كتائب وعصائب. يجالدون حوله بأسيافهم ويهرقون دماءهم دونه. يرون الفضل في اتباعه والشقاق والعصيان في خلافه.
فكيف يا لك الويل تعدل نفسك بعلي. وهو وارث رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصيه وأبو ولده، وأول الناس له اتباعا وآخرهم به عهدا بخبره بسره ويشركه في أمره. وأنت عدوه وابن عدوه. فتمتع ما استطعت بباطلك وليمددك ابن العاص في غوايتك. فكأن أجلك قد انقضى وكيدك قد وهى. وسوف تستبين لمن تكون العاقبة العليا. واعلم أنك إنما تكابد ربك الذي قد أمنت كيده وأيست من روحه وهو لك بالمرصاد. وأنت منه في غرور بالله. وبالله وأهل رسوله عنك الغناء. والسلام على من اتبع الهدى " (1).
لقد أراد محمد بن أبي بكر أن يذكر معاوية لعله يعقل الأمور. وإذا كانت لهجة الخطاب بها قوة فإن هذه القوة دعوة ليتخطى معاوية حواجز النفس الأمارة بالسوء. وينتصر على نفسه فيدخل فيما دخل فيه الناس. لتحقن دماء المسلمين ويفوز برضا رب العالمين. فماذا كان جواب معاوية؟ لقد كتب إلى محمد بن أبي بكر: من معاوية بن أبي سفيان إلى الزاري على أبيه محمد بن أبي بكر. سلام على أهل طاعة الله. أما بعد. فقد أتاني كتابك تذكر فيه ما الله أهله في قدرته وسلطانه. وما اصطفى به نبيه. مع كلام ألفته ووضعته. لرأيك فيه تضعيف ولأبيك فيه تعنيف. ذكرت حق ابن أبي طالب وقديم سابقته وقرابته من نبي الله ونصرته له ومواساته إياه في كل خوف وهول. واحتجاجك علي وفخرك يفضل غيرك لا بفضلك.. فأحمد إلها صرف ذاك الفضل عنك. وجعله لغيرك. فقد كنا وأبوك معنا في حياة نبينا نرى حق ابن أبي طالب لازما لنا وفضله مبرزا علينا، فلما اختار الله لنبيه ما عنده وأتم له ما وعده، وأظهر دعوته. وأفلج