عثمان فيدعوا إلى نفسه " (1)، ولم يكتف الإمام بإرسال الرسائل. وإنما بعث إليه بالصحابة ليقيموا عليه الحجة على امتداد الطريق إلى صفين. روي أن الإمام بعث إليه عدي بن حاتم... فقال عدي لمعاوية: إنا أتيناك ندعوك إلى أمر يجمع الله به كلمتنا وأمتنا ويحقن به الدماء ونصلح ذات البين، إن ابن عمك سيد المسلمين أفضلها سابقة وأحسنها في الإسلام أثرا. وقد استجمع له الناس. ولم يبق أحد غيرك وغير من معك. فاحذر يا معاوية أن يصيبك وأصحابك مثل يوم الجمل.
فقال له معاوية: كأنك إنما جئت متهددا لم تأت مصلحا. هيهات يا عدي. كلا والله إني لابن حرب لا يقعقع له بالسنان. وإنك والله من المجلبين على عثمان وإنك من قتلته وإني لأرجو أن تكون ممن يقتله الله به. فقال شبث وزياد بن خصفة: يا معاوية. جوابا واحدا، أتيناك فيما يصلحنا وإياك. فأقبلت تضرب لنا الأمثال. دع ما لا ينفع وأجبنا فيما يعم نفعه. وقال له يزيد بن قيس: إنا لم نأت إلا لنبلغك ما أرسلنا به إليك. ونؤدي عنك ما سمعنا منك. ولن ندع أن ننصح لك وأن نذكر ما يكون به الحجة عليك ويرجع إلى الألفة والجماعة. إن صاحبنا من قد عرف المسلمون فضله ولا يخفى عليك. فاتق الله يا معاوية ولا تخالف.
فإنا والله ما رأينا في الناس رجلا قط أعمل بالتقوى ولا أزهد في الدنيا ولا أجمع لخصال الخير كلها منه. فقال لهم معاوية: إنكم دعوتم إلى الطاعة والجماعة.
فأما الجماعة التي دعوتم إليها فمعنا هي. وأما الطاعة لصاحبكم فإنا لا نراها " (2) وبعد بعث عدي بن حاتم ثم بعث إليه إليه أبا عمر وبشير بن عمرو بن.
محصن وسعيد بن قيس... وعندما دخلوا عليه قال بشير: يا معاوية إن الدنيا عنك زائلة وإنك راجع إلى الآخرة. وإن الله محاسبك بعملك ومجازيك عليه، وإني أنشدك الله ألا تفرق جماعة هذه الأمة وألا تسفك دماءها بينها. فقطع عليه معاوية الكلام وقال: هلا أوصيت بذلك صاحبك؟ فقال أبو عمر: إن صاحبي ليس مثلك. إن صاحبي أحق البرية كلها بهذا الأمر في الفضل والدين والسابقة في