ثانيا - آراء وشهود على امتداد هذا الكتاب علمنا أن تاريخ الإسلام هو تاريخ الدفاع عن الفطرة. ولم يترك النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلا وقد بين لهم حركة الأمم الماضية ليتدبروا فيها وليعلموا أن الإسلام منصور منصور منصور، فإذا أرادوا أن يقفوا تحت رايات هذا النصر فما عليهم إلا أن يتحركوا الحركة التي تستقيم معه، أما إذا أرادوا غير ذلك فما قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة منهم ببعيد، والدجال على الطريق، وعلمنا أيضا أن تاريخ المسلمين كان كغيره من تاريخ بني الإنسان فيه ضعف الإنسان وخوفه وفيه أيضا أصحاب النفس اللوامة الذين يتذكرون حركتهم فيلومون أنفسهم ويودون أنهم تحركوا الحركة التي يحبون أن ينظر الله إليهم وهم على طريقها.
ويخطئ من يظن أن حركة المسلمين على صفحة التاريخ لم تقدم جديدا للبشرية، فلقد رأينا حركة الذين دافعوا عن الفطرة وهذا في حد ذاته دفاع عن البشرية، وعلمنا حركة الذين نشروا الإسلام في ربوع العالم بوسائلهم البسيطة، فبعملهم هذا أقاموا ينابيع الماء الطاهر الذي يوفر الارتواء ويدعو إلى البحث، وعالم البحث لا يكون في دائرة مغلقة على الإيجابيات والمناقب، وإنما وجد البحث ليفتش بين الإيجابيات وبين السلبيات، وهذا في حد ذاته حركة بين الماضي والحاضر والمستقبل حركة تقرأ في أصول الإسلام وتنظر في حركة المسلمين، وليس هذا من أجل محاكمة التاريخ وإنما من أجل ضرب الباطل.