أمره. فلما بلغه قتل عثمان وكان معتزلا بفلسطين قال: إني إذا أنكأت قرحة أدميتها " (1).
وروى الطبري وغيره: عندما قتل عثمان وعلم بمبايعة الناس لعلي وما وقع لأهل الجمل. ارتحل يبكي كما تبكي المرأة ويقول: وا عثماناه، أنعي الحياء والدين حتى قدم دمشق (2)، فوجد أهل الشام يحضون معاوية على الطلب بدم عثمان، فقال عمرو: أنتم على الحق اطلبوا بدم الخليفة المظلوم (3). وقال معاوية لعمرو: بايعني فقال: لا والله لا أعطيك من ديني حتى أنال من دنياك قال: سل، فقال: مصر طعمة. فأجابه إلى ذلك وكتب له به كتابا (4). وكانت مصر في نفس عمرو بن العاص. لأنه هو الذي فتحها. ويقول الجاحظ: فكان لعظمها في نفسه وجلالتها في صدره، وما قد عرفه من أموالها وسعة الدنيا، لا يستعظم أن يجعلها ثمنا من دينه (5). وروي أنه عندما خرج عمرو من عند معاوية. قال له ابناه: ما صنعت؟ قال: أعطانا مصر طعمة. قالا: وما مصر في ملك العرب! فقال: لا أشبع الله بطونكما إن لم تشبعكما مصر " (6).
فوفقا لخليفة هذا وذاك نرى أن الأول هدفه الخلافة. والثاني هدفه الإمارة وبالتحديد أن تكون له مصر ما بقي حيا، وهذه الأهداف تسير في طريق البغاة وعليها قميص عثمان. ذلك الشعار البراق الذي يلتف من حوله العامة. وهذه الفئة على طريق البغاة تعرف باسم " القاسطين " وليس معنى القاسط: أنه المطالب بدم عثمان، وإنما معناه: " الجائر عن الحق الناكب عنه " فاللفظ والمعنى يتحدثان عن حقيقة الهدف وليس عن بريق الشعار. وقول أمير المؤمنين " أمرني رسول الله