مثل ذلك، فأشار عليه علي بن الحسين ألا يجيبه إلى شئ من ذلك، فإن الذي يحمله على ذلك، اجتذابه لقلوب الناس بهم، وتقربه إليهم بمحبتهم، وباطنة مخالف لظاهره، في الميل إليهم والتولي لهم والبراءة من أعدائهم. بل هو من أعدائهم لا من أوليائهم، والواجب عليه، أن يشهر أمره، ويظهر كذبه على حسب ما فعل هو، عندما أظهر للناس كذب المختار (1).
وأتى محمد بن الحنفية ابن عباس، يستشيره في هذا الأمر. فأوصاه بالسكوت لأن تأييد حركة المختار التي لا تقوم على أرضية إيمانية لا قيمة لها، ثم إن إظهار حقيقة المختار، لن تأتي بفائدة من عند ابن الزبير، خصم المختار الأول. لأن ابن الزبير بايعه كل الناس إلا محمد بن الحنفية (2). وابن الزبير من المبغضين لأهل البيت. فكان ينال من علي بن أبي طالب في خطبه (3). وكان ينتقص بن عباس (4). وبالجملة: كانت حركة المختار، وابن الزبير، حركة هدفها الدنيا وليس لأهل البيت فيها أي نصيب اللهم إلا قتل أعدائهم، تحت راية المختار. ولقد جعل ابن حزم هذا القتل من مناقب المختار فقال: تتبع المختار بعض الذين شاركوا في قتل ابن الزهراء الحسين، فقتل منهم ما أقدره الله عليهم، وفعل أفاعيل يعفى فيها على هذه الحسنة (5).
وحركة المختار، دليل عظيم على أن أهل البيت لا يركبون باطلا ليصلوا به إلى حق. فلو كانوا طلاب دنيا، لهرولوا إلى المختار، في وقت كان البيت الأموي يعيد ترتيب أوراقه وأوتاده، بعد الخسائر التي مني بها في موقعة مرج راهط بين مروان والضحاك بن قيس، ثم الخسائر التي أصابته في موقعة عين الوردة، وما بعدها لكنهم لم يفعلوا ذلك، لأن الدين لا يخضع للتجارة، وحركة