أهل البيت حركة واحدة على امتداد التاريخ، فهم في انتظار الناس، فإذا جاء الناس، على الإمام أن يتحرك بهذه الحركة التي تستقيم مع الواقع لإقامة الحجة بهم على من خالفهم. وفي عالم القتال على الدنيا، يكون التحرك خاضعا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا رأيت رجلين من أمتي يقتتلان على المال، فأعدد عند ذلك سيفا من خشب " (1)، وقوله: " إذا رأيت الأخوين المسلمين يختصمان في شبر من أرض، فاخرج من تلك الأرض " (2). فكل حركة في هذه الأمور لا بد لها من فقه، وفقيه على بصيرة.
والدليل على أن الدولة الأموية، وابن الزبير وغيرهما كانوا يقاتلون على الدنيا، ما رواه البخاري عن أبي المنهال قال: لما كان ابن زياد ومروان بالشام، ووثب ابن الزبير بمكة، ووثب القراء بالبصرة. انطلقت مع أبي، إلى أبي برزة الأسلمي حتى دخلنا عليه في داره. فقال أبي: يا أبا برزة، ألا ترى ما وقع فيه الناس. فقال: إني احتسبت عند الله كأني أصبحت ساخطا على أحياء قريش، إنكم يا معشر العرب كنتم على الحال الذي علمتم من الذلة، والقلة، والضلالة، وأن الله أنقذكم بالإسلام، وبمحمد صلى الله عليه وسلم، حتى بلغ بكم ما ترون، وهذه الدنيا التي أفسدت بينكم. إن ذاك الذي بالشام والله إن يقاتل إلا على الدنيا. وإن هؤلاء الذين بين أظهركم والله إن يقاتلون إلا على الدنيا، وإن ذاك الذي بمكة، والله أن يقاتل إلا على الدنيا (3). ورواه الحاكم بزيادة: فقيل له: فما تأمرنا؟ قال: لا أرى خير الناس إلا عصابة ملبدة، خماص البطون من أموال الناس، خفاف الظهور من دمائهم " (4). وفي هذه الدائرة ترى أعلام أهل البيت، الذين لا يأخذون من أموال الناس إلا ما كتب الله لهم.
ومن أجل المصالح دارت المعارك بين المختار، وبين ابن الزبير، سنة