فضرب أعناقهما (1). وروي أن ابن عقبة قال لأهل المدينة: أتبايعون ليزيد أمير المؤمنين، ولمن استخلف بعده على أن دماءكم، وأموالكم، وأنفسكم، خول له يقضي ما شاء فيها؟ فقال له يزيد بن عبد الله بن زمعة: إنما نحن نفر من المسلمين لنا ما لهم وعلينا ما عليهم. فقال مسلم: والله لأقتلنك، والله لا تشرب البارد أبدا فأمر به فضربت عنقه (2).
وهكذا اكتملت الدائرة، باتخاذ بني أمية عبيد الله خولا، بعد أن اتخذوا دين الله دخلا، ومال الله دولا، ولم يكن هذا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بألف عام. لا. لأن هذه الأحداث جرت عام 63 ه، ورواها أصحاب التواريخ والتراجم والسير، وأجمعوا على أن يزيد أباح المدينة ونهب الأموال، وهتك الأعراض، وقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، وبايعه الناس، على أنهم عبيد له!! وفي إجمالي أحداث يوم الحرة يقول ابن حزم:
" قتل يزيد بجيوشه، بقايا المهاجرين، والأنصار، يوم الحرة، وهي أكبر مصائب الإسلام وخرومه. لأن أفاضل المسلمين، وبقية الصحابة، وخيار المسلمين من جلة التابعين، قتلوا جهرا، ظلما في الحرب، وصبرا. وجالت الخيل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراثت، وبالت في الروضة بين القبر والمنبر، ولم تصل جماعة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم... وأكره الناس على أن يبايعوا، يزيد بن معاوية، على أنهم عبيد له، إن شاء باع وإن شاء أعتق، وذكر له بعضهم البيعة على حكم القرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأمر بقتله، فضرب عنقه صبرا. وهتك مسرف (3)، أو مجرم الإسلام هتكا، وأنهب المدينة ثلاثا، واستخف بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومدت الأيادي إليهم، انتهبت دورهم. ثم انتقل الجيش بعد ذلك، إلى مكة شرفها الله تعالى، فحوصرت، ورمى البيت بحجارة