الناس من الحج، خوفا أن يبايعوا ابن الزبير (1).
وروي أن عبد الملك بن مروان، هادن ملك الروم، وبعث إليه بأموال وهدايا ليتفرغ للأمة. وكان عبيد الله بن زياد، أمير بني أمية المطيع قد قتل، بعد موقعة عين الوردة وقتل معه أشراف أهل الشام، عندما التقى هو وإبراهيم بن الأشتر النخعي (2)، وبينما كان عبد الملك يعيد ترتيب أوراقه، وأوتاده، كانت الأحداث في الحجاز والعراق تشتعل. فعبد الله بن الزبير كان قد بسط يده على رقعة كبيرة من الأرض، وكان يريد أن يضم الشام إلى سلطانه. وروي أن المختار بن أبي عبيد الثقفي، قال لابن الزبير: إني لأعرف قوما، لو أن لهم رجل له رفق، وعلم مما يأتي، لاستخرج لك منهم جندا تغلب بهم أهل الشام. قال:
من هم. فقال: شيعة بني هاشم بالكوفة. فقال له: كن أنت ذلك الرجل. وبعثه إلى الكوفة.
فنزل ناحية منها، وجعل يظهر البكاء على الطالبيين وشيعتهم، ويظهر الحنين والجزع لهم، ويحث على أخذ الثأر لهم، المطالبة بدمائهم (3). وبهذه المقدمة سار إلى قصر الإمارة، وغلب على الكوفة، وابتنى لنفسه دارا، وفرق الأموال على الناس، وخلع طاعته لابن الزبير، وجحد بيعته، وكان من قبل قد بايعه.
وتتبع المختار قتلة الحسين فقتلهم. قتل عمر بن سعد بن أبي وقاص، وهو الذي تولى حرب الحسين يوم كربلاء. فزاد ميل أهل الكوفة إليه ومحبتهم له. ولقد حاول المختار أن يضع على حركته رداء أهل البيت، فكتب إلى علي بن الحسين يريد أن يبايعه، ولكن علي بن الحسين أبى أن يقبل ذلك منه، وأظهر كذبه وفجوره، ودخوله على الناس بإظهار الميل إلى آل أبي طالب. فلما يئس المختار من علي بن الحسين، كتب إلى عمه محمد بن الحنفية، يريده على